العدد 2104 - الإثنين 09 يونيو 2008م الموافق 04 جمادى الآخرة 1429هـ

مشكلة التضخم في الكويت

جاسم حسين jasim.hussain [at] alwasatnews.com

كشفت أرقام رسمية حديثة عن تسجيل رقم ضخم نسبيا في مؤشر الأسعار في الكويت ما أكد أن إنهاء ربط الدينار بالدولار لا يكفي لحل مشكلة الغلاء كما كان ينادي به عدد غير قليل من الاقتصاديين. بالمقابل، ربما يكون المطلوب تبني حزمة من السياسات المالية والنقدية لتحجيم مشكلة التضخم.

حسب البنك المركزي الكويتي، فقد ارتفع معدل التضخم إلى مستوى قياسي عند 10,4 في المئة في شهر فبراير/ شباط الماضي. بالمقارنة، بلغت نسبة الزيادة في التضخم 9,5 في المئة في شهر يناير/ كانون الثاني فضلا عن 7,5 في المئة في شهر ديسمبر/ كانون الأول من العام 2007.

المواد الغذائية والعقارات

استنادا للإحصاءات المتوافرة، فقد ارتفع المؤشر العام إلى 127,1 نقطة في شهر فبراير/ شباط مقارنة مع 115,4 نقطة من الفترة نفسها في العام 2007. وتبين أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية والإيجارات لعبت دورا محوريا في تعزيز معضلة التضخم في البلاد. في التفاصيل، زادت كلفة السكن بأكثر من 16 في المئة. كما ارتفعت أسعار المشروبات والتبغ بنحو 15 في المئة. أيضا، وزادت كلفة المواد الغذائية بأكثر من 9 في المئة.

صحيح أن مستوى التضخم في الكويت أفضل من قطر والإمارات، لكن يعد مرتفعا في كل الأحوال. تبلغ معدلات التضخم في كل من قطر والإمارات 14 في المئة و 11 في المئة على التوالي. بيد أن بعض التوقعات تشير إلى احتمال وضع حد لمعضلة ارتفاع الأسعار بعد تنفيذ السلطات قرار فك ارتباط الدينار بالدولار ابتداء من شهر مايو/ أيارالعام 2007.

أهمية الدولار

يشار إلى أن الكويت ربطت عملتها منذ ذلك التاريخ بسلة من العملات تشمل الدولار إضافة إلى بعض العملات الصعبة الأخرى والتي تعد مهمة نسبيا في التجارة الدولية للكويت. غير أنه لم تكشف الكويت بشكل واضح الأهمية النسبية لمختلف العملات المشمولة في السلة. لكن حسب بعض المصادر المطلعة، يشكل الدولار 60 في المئة من وزن العملات المشمولة في السلة نظرا لارتفاع جانب من التجارة الدولية للكويت بالدولار. والإشارة هنا إلى الصناعة النفطية خصوصا. تشكل الصادرات النفطية نحو 90 في المئة من مجموع صادرات الكويت. كما أن جزءا غير بسيط من الواردات الكويتية مسعر بالدولار.

الأمر المؤكد هو أن تراجع الدولار الأميركي يشكل أحد الأسباب وراء ظاهرة التضخم، إلا أن هناك أسبابا أخرى ربما لا تقل أهمية نختصر بعضها في الفقرات التالية.

بعض أسباب التضخم

تقف عدة متغيرات دولية وراء ظاهرة التضخم في دول مجلس التعاون ومنها الكويت. فهناك مسألة تراجع قيمة الدولار بسبب سياسات بنك الاحتياط الفيدرالي الرامية إلى جعل السلع والمنتجات الأميركية أكثر رواجا في الخارج الأمر الذي يساعد على تنشيط الدورة الاقتصادية في الولايات المتحدة وحل بعض التحديات مثل تعزيز الفرص الوظيفية.

إضافة إلى ذلك، هناك مسألة تداعيات ارتفاع قيمة النفط الخام في الأسواق الدولية. والإشارة هنا إلى ارتفاع كلفة المصروفات التشغيلية وبالتالي قيم السلع المنتجة والمصدرة من بعض الدول. ويمكن الزعم بأن ارتفاع أسعار النفط يشكل في جانبه نقمة، بل يعد ارتفاع أسعار النفط سلاحا ذا حدين، إذ يجب تحمل تداعيات ارتفاع كلفة التشغيل في الدول المصدرة للمنتجات المرسلة إلى دول المنطقة. وهذا يفسر جانبا من إصرار بعض الدول مثل الهند والباكستان في رفع أسعار بعض الصادرات الحيوية مثل الرز البسمتي. يشار إلى أن كلا من الهند والباكستان تستوردان حاجتهما من المشتقات النفطية من الخارج. كما أن من البديهي التذكير بتداعيات النمو الاقتصاد العالمي وخصوصا في الصين. فقد حقق الناتج المحلي الإجمالي للصين نموا بنسبة 10 في المئة في العام 2007. وساهمت زيادة الطلب الصيني على بعض المنتجات الأولية والتي يتم استخدامها لاحقا في إنتاج سلع كاملة يؤدي إلى حدوث ارتفاع نسبي للأسعار. وتفضل بعض الدول المصدرة للمنتجات الأولية التعامل مع الاقتصاد الصيني كونه أحد أكثر اقتصادات العالم نموا بدل الاعتماد على اقتصادات صغيرة هنا وهناك.

المصروفات الحكومية

تلعب بعض الأسباب الأخرى دورا في إذكاء لهيب التضخم مثل ارتفاع كلف التأمين والشحن إلى المنطقة بسبب مشكلات عدم الاستقرار مثل استمرار العنف في العراق فضلا عن الغموض الذي يلف أزمة الملف النووي الإيراني. كما أن هناك عوامل مناخية مثل التصحر.

علاوة على كل ذلك، فإن ثمة أسباب موضوعية محلية من قبيل تعزيز المصروفات الحكومية وذلك على خلفية ارتفاع أسعار النفط وبالتالي الإيرادات. ويشكل ارتفاع الطلب الحكومي لتنفيذ مشاريع لمتطلبات القطاع الخاص. بيد أنه لا يعرف على وجه الدقة الأهمية النسبية للمتغيرات المختلفة. ويعود الأمر في جانبه إلى نقص الدراسات الاقتصادية الأمر الذي يؤكد وجود الحاجة لمعاهد علمية ومؤسسات بحثية تقدم مرئيات متنوعة عن كبح جماح التضخم.

معضلة صعبة

ربما يتطلب حل إشكال التضخم إجراء مراجعة شاملة لمختلف الخيارات المالية والنقدية المعمول بها في الكويت. وتتضمن الإجراءات المقترحة التأكد من عدم السماح للمصروفات الحكومية بالتأثير سلبا عن طريق مزاحمة طلبات القطاع الخاص.

كما تكمن الأهمية في معالجة مسألة نمو النقد وخصوصا في ضوء نمو المصروفات فضلا عن الانخفاض المستمر في معدلات الفائدة. فقد لوحظ تبني السلطات الكويتية لسياسات بنك الاحتياط الفيدرالي الأميركي فيما يخص تغيير معدلات الفائدة. ومعروف أن معدلات الفائدة الأميركية تتناسب والأوضاع الاقتصادية في أكبر اقتصاد في العالم.

وفي المحصلة يعتبر التضخم مشكلة معقدة نظرا لتعدد الأسباب الأمر الذي يجعل من حل المعضلة أمرا في غاية الصعوبة. باختصار يمكن الزعم من دون تحفظ أن مجرد إنهاء ربط العملة بالدولار لا يعني بالضرورة القدرة على احتواء أزمة التضخم.

إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"

العدد 2104 - الإثنين 09 يونيو 2008م الموافق 04 جمادى الآخرة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً