وأخيرا... انسحبت هيلاري كلينتون من سباق الرئاسة الأميركية وأراحت العالم من شرها!
طبعا ليس معنى ذلك أن الآخرين أقل شرا منها، فلا يصل إلى البيت الأبيض إلاّ شريرٌ بحكم منصبه، وهكذا ينتظر العالم منه أياما وسنوات دامية.
انسحبت أخيرا وأراحت العالم من شرّها، مع أن منافسها أوباما ليس أفضل منها بمقدار هللة، فالسباق للبيت الأبيض ليس صراعا جندريا ولا لونيا حتى ندخل في لعبة تحليل ألوان البشرة وزرقة العيون.
انسحبت بعد أن قاومت أطول من اللازم، وجاء سقوطها تحصيل حاصل، فلم يكن لائقا بأميركا أن تختار لرئاستها امرأة لمجرد أنها امرأة، حين ضيق عليها منافسها، لجأت إلى سلاح الدموع تستعطف الناخبين.
بعض المحللين يقولون إن ما أسقط هيلاري نكتةٌ عابرةٌ، تلقفها الإعلام وأخذ ينفخ فيها: «المرأة التي لم تتمكّن من التحكّم في رجل واحد (زوجها) كيف ستتحكم في قيادة العالم؟ وهكذا كانت النكتة التي أطاحتها بالضربة القاضية. نكتةٌ قائمةٌ على منطق بارد جدا، هي التي هزّتها من الداخل، وكان إعلان انسحابها أمس ودعمها لمنافسها باراك أوباما تحصيل حاصل».
مع ذلك يبقى خبر انسحابها مفرحا، بالنسبة لي على الأقل، فأنا فرحٌ جدا بهزيمتها، ليس لأنها امرأة، ولكن لأنها كانت ستكرّس عرفا سيئا فاسدا شاهدناه ودفعنا ثمنه كشعوبٍ في منطقة الشرق الأوسط، في السنوات السبع الأخيرة، بترشيح جورج بوش الصغير. هذا الترشيح لم يكن لكفاءته أو علمه أو عبقريته، وإنّما فقط لأنه سليل أسرة ثرية من أباطرة الشركات النفطية، وكان أبوه رئيسا، فيجب أن يصبح هو أيضا رئيسا. وكلنا يعرف الثمن الباهظ الذي دفعه العالم، ومنطقتنا على وجه الخصوص، جرّاء مغامرات هذا الرئيس المتهور الطائش، التي استهلها باحتلال أفغانستان، وثناها بالعراق، وما نراه من مآسٍ متزايدة في فلسطين... وأخيرا مباركته الحرب على لبنان.
الأخبار تقول إن الفرفوشة هيلاري انسحبت مؤخرا بعد إجراء مكالمات مع عدد من كبار النواب الديمقراطيين في الكونغرس، والتي يبدو أنهم أقنعوها أنه «لا فائدة»، والأفضل أن تستر على روحها، فـ «لا يكفي أن يكون زوجك رئيسا لتكوني صالحة (أوتوماتيك) لشغل هذا المنصب. فالمناصب القيادية لا ينبغي أن تخضع لهذه الاعتبارات المنزلية والعائلية الصغيرة».
البعض ذهب إلى أن تأخر إعلان انسحابها رغم معرفتها بالهزيمة، إنما كان محاولة للفوز بموقع «نائب الرئيس»، فبعد كل هذا التعب وخسارة الملايين من جيبها ومن جيب غيرها، لا يمكن أن تخرج من المولد بلا حمص! وهو الخيط الذي تلقفه اوباما فأثنى على هيلاري وألمح إلى إمكانية اضطلاعها بمنصب ما في إدارته إذا فاز، فالسياسة مصالح ومناصب، وأحمق من يظن غير ذلك!
إنصافا لهيلاري، يجب الاعتراف أن غريمها أوباما ليس عبقريا، وربما تكون هي أذكى منه بكثير، ولكنها سيئة الحظ، إذ ابتليت بزوج زائغ العينين، هو يرتكب الخطيئة... وهي تدفع كفّارة العصيان!
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 2100 - الخميس 05 يونيو 2008م الموافق 30 جمادى الأولى 1429هـ