العدد 2100 - الخميس 05 يونيو 2008م الموافق 30 جمادى الأولى 1429هـ

المصور من كابول

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

يتشارك المصورون في بعض الأحيان بنفس مصير مترجمي الأعمال الأدبية، فالناس يعرفون أعمالهم ولكن ليس أسماءهم.

مسعود حسيني على سبيل المثال زينت صوره الصفحات الأولى لصحف عالمية في هونغ كونغ ونيويورك وألمانيا. فالمصور البالغ 28 عاما من العمر والمولود في كابول يعمل مصورا لوكالة الأنباء الفرنسية (AFP) في العاصمة الأفغانية.

لم يكن الطريق الذي اختاره مسعود سهلا على الإطلاق. فالتصوير كان محرما تحت حكم الطالبان، كما أن ليس هناك الآن أي مقاسات تعليمية في التصوير على المستوى الجامعي في أفغانستان. ولم يتغير هذا الوضع إلا بوصول منظمات الإعانة بعد سقوط حكم الطالبان.

أنهى مسعود حسيني برنامجا تدريبيا في التصوير الصحافي مدته عامان تم تقديمه من قبل مبادرة AINA للإعلام. كانت معظم أفغانستان محطمة في العام 2003، ويتذكر معلمه قائلا: «قمنا في ذلك الوقت بجمع الكاميرات الـ 35 ملم القديمة، وحتى الأجزاء الغريبة، أينما وقعت بين أيدينا، وبهذه الطريقة، تمكنا من إصلاح الكاميرات المعطلة، وكان بعض أصغر المشاركين في الدورة لم يبلغوا سن 18 بعد».

كان استخدام مسعود للكاميرا لأول مرة في إيران، حيث أمضى هو وعائلته 20 عاما تقريبا في المنفى بسبب الحرب ثم الحرب الأهلية في أفغانستان.

«في بادئ الأمر كنت أتمشى لساعات طوال في حقول من الأنقاض. وجدت أطفالا يلعبون هناك وحاولت أن ألتقط كل ما أراه بألواني الخاصة»، يقول مسعود وهو يتذكر الشهور التي أمضاها بعد عودته. «على رغم كل الدمار، كان لكابول ضوؤها وغبارها الخاص بها من ساعات الشفق، فتخلق جمالا ورونقا فريدا من نوعه» يقول مسعود موضحا.

ومنذ فترة لا بأس بها يضطر هذا الشاب البالغ من العمر 28 سنة ذو البنية النحيلة إلى السفر إلى مواقع التفجيرات الانتحارية ليكسب عرق جبينه. «أنني أشاهد الناس وهم يموتون بشكل متواصل، وأنا أضطر إلى كبت مشاعر الانفعال والحزن بشكل متواصل».

وبعكس أغلب زملائه من المصورين العالميين، لا يتمتع مسعود بأية تأمين في حال حدوث شيء له، والصور التي أخذها للهجمات الإرهابية أفقدته شهيته بحق، وبسبب عمله هذا، أصبح مسعود حسيني الآن يتبع نظاما غذائيا نباتيا.

وبالرغم من كل هذا، فهو يحب مهنته ويعتبر نفسه محظوظا. «المثير في عملي أنني أستطيع في يوم واحد تصوير حياة أناس بسطاء ومن ثم التقاط صور للمناسبات السياسية الرسمية».

تكمن رغبته الرئيسة في إكمال دراسته في الخارج. وهو ينظر إلى الوضع في بلاده بمشاعر مختلطة. «يجب أن يكون الهدف في المستقبل المنظور قيام الجيش الأفغاني والشرطة بضمان الأمن في البلد بأنفسهم، بينما يقوم المجتمع الدولي بتوفير الدعم لهم».

ومنذ وقت ليس ببعيد، شكلت صور مسعود حسيني جزءا من معرض أقيم في برلين تحت عنوان «عمل غير مكتمل». وحاول المعرض بشكل خاص تقديم صور عن الحياة ما بعد الأحداث التي تصنع عناوين الأنباء. «هناك صور عديدة لأفغانستان لن تقوم وسائل الإعلام الغربية بعرضها أبدا. وهي تشمل صورا لحياة يومية طبيعية».

كمصور يعمل لدى وكالة أنباء عالمية، يجد مسعود حسيني نفسه في نقطة ضوئية ما بين وجهة النظر الشرقية ووجهة النظر الغربية. وكان له منذ وقت قريب فرصة العمل كصحافي مرافق أو مدموج «embedded» لتصوير المعسكرات العسكرية للجيش الأميركي. وكان هذا في الماضي أمر مستحيل بالنسبة إلى صحافي أفغاني.

وفي معهد غوتة في كابول حيث التحق بعدد من الدورات التدريبية في السنوات الماضية، يقوم مسعود أحيانا بتدريس ورش عمل للجيل القادم من المصورين الأفغان، وكان قد التقط صورا للمجلة الإخبارية الألمانية «دير شبيغل».

وفي الأسابيع القليلة الماضية، كان مسعود سعيدا بشكل خاص؛ فقد قدمت له وكالته معدّات تصوير جديدة. أخيرا، حصل مسعود على المعدّات ذاتها التي لدى زملائه الأجانب الذين يسافرون إلى كابول.

* كاتب مستقل، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2100 - الخميس 05 يونيو 2008م الموافق 30 جمادى الأولى 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً