«الإيكونومست» مجلة بريطانية أسبوعية مستقلة، مهتمة بتحليل القضايا الدولية والأخبار العالمية ومجال الأعمال. بدأ صدورها في العام 1843، ويصل توزيعها بحسب إحصاءات العام 2007 إلى 1.3 مليون نسخة، بحسب موقع ويكيبيديا، نصفها يوزع في الولايات المتحدة وكندا.
سياسة تحرير المجلة تقوم على مبادئ التجارة الحرة، وتستهدف النخبة وصنّاع القرار والطبقة المثقفة في مختلف بلدان العالم. من هنا فإن شهادتها يُفترض ألا تكون مجروحة، كما لا يمكن اتهامها بالانحياز أو التحامل على هذا البلد أو ذاك.
المجلة تغطّي مواضيع حيوية على مستوى العالم، وتصدر تقارير أسبوعية ودورية، آخرها موضوع «مؤشر الديمقراطية» للعام 2008، ومن سوء حظنا أنها صنّفتنا في المرتبة 130 من بين 167 دولة أخضعتها للبحث والتمحيص. والخطير أن التقرير صنّف بلدنا ضمن الدول التي تسودها «الأنظمة المتسلطة»، إذ حزنا على درجاتٍ منخفضةٍ في المؤشرات الرئيسية المستخدمة في البحث: الانتخابات والتعددية والمشاركة السياسية والحريات العامة والأداء الحكومي.
المتوقع أن نقرأ خلال اليومين المقبلين افتتاحيات متشنّجة سيكتبها البعض، يلعن فيها (سنسبيل الإيكونوميست)! كما ستخصص صحيفةٌ أخرى «ملفا» يشارك فيه بعض حمّالي «مركز البحث والدراسات»، ليكذّبوا ما نقلته «الإيكونوميست» الحاقدة حرفا حرفا! وبعد أربعة أيام، سيهب بعض النواب للرد على ادعاءات هذه الصحيفة البريطانية المأجورة الصفراء!
«الإيكونوميست» تحدثت عن تراجع الموجة الديمقراطية في العالم، واعتبرت الشرق الأوسط أسوأ المناطق تراجعا، وأحد الأسباب انتقائية الإدارة الأميركية ونفاقها، فلديها حلفاء أشد استبدادا من بعض من تناصبهم العداء.
التقرير صنّف الدول إلى أربع فئات: ديمقراطية (18 بالمئة من دول العالم)، ديمقراطية منقوصة (30 بالمئة) كنا نتمنى أن نكون من بينها، مختلطة ديمقراطية/ تسلطية (22 بالمئة)، وتسلطية (30 بالمئة). واعتبر الدول النفطية استثناء، فهي تزداد تسلطا كلما ازدادت ثرواتها، على خلاف النظرية التي تربط ارتفاع منسوب الديمقراطية بتحسّن الوضع الاقتصادي.
على رأس الديمقراطية جاءت السويد، تلك المملكة الاسكندنافية الدستورية البعيدة في الشمال، موطن قبائل الفايكنغ الشهيرة... وفي ذيل القائمة كوريا الشمالية. وما بينهما أغلب الدول العربية التي سقطت في خانة الأنظمة المتسلّطة والعياذ بالله!
التقرير ومن منظورٍ اقتصادي، حذّر من أن الأزمة المالية العالمية من شأنها الضغط باتجاه عدم الاستقرار السياسي، وتوقَّع حدوث اضطرابات اجتماعية في بلدان عربية نتمنى ألاّ نكون من بينها. فالكساد الاقتصادي وضغط الخدمات ونقص الوفرة المالية كما تقول «الايكونوميست» ستضعف القدرة العامة على احتواء المصاعب والتشنجات.
البلاد التي خضعت للتصنيف الديمقراطي، على مفترق طرق، إمّا أن تعمل على تعزيز مكانتها وتسهيل تحوّلها الاجتماعي الديمقراطي، وإمّا أن تضع المزيد من العراقيل والعقبات. قد تنفعها سياسات التسويف مؤقتا، بإلهاء الداخل، وإشغال الفئات المختلفة ببعضها بعضا واللعب على تناقضاتها الموروثة، ولكنها كلما أمعنت في ذلك كلما ازدادت بعدا عن العلاج الديمقراطي السليم.
مرحلةٌ تنذر بالشؤم بحسب «الإيكونوميست»، نستقبلها بالحديث عن تغليظ العقوبات في قانون التجمعات، والتلويح بقانون «مكافحة الإرهاب» وما يستتبعه من تضييقٍ على الحريات العامة، واستمرار التجنيس السياسي، واستنزاف الأراضي العامة، واختلاط المال العام والخاص... ما يبعدنا أكثر وأكثر عن سواء السبيل
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 2300 - الإثنين 22 ديسمبر 2008م الموافق 23 ذي الحجة 1429هـ