العدد 2300 - الإثنين 22 ديسمبر 2008م الموافق 23 ذي الحجة 1429هـ

الحكومة الإلكترونية: العقبات والصعاب

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

كغيرها من مشروعات الدولة، يتطلب بناء منصة أداء الوظائف الحكومة الإلكترونية المرور بعدة مراحل واتخاذ مجموعة من الخطوات التي من الطبيعي أن تواجهها الكثير من الصعاب التي يمكن إيجاز أهمها في النقاط الآتية:

1 - الذهنية التقليدية المناهضة للتغيير، فالحكومة الإلكترونية، بما تحمله من سياسات وإجراءات، من الطبيعي أن تشكل تحديا صارخا أمام موظف الدولة الغارق في إجراءات روتينية رتيبة تحولت، بفضل الوقت والركود، إلى ما يشبه السلوك الذي يقاوم أي تغيير، من الطبيعي أن يبدو في نظر أمثال هؤلاء، أنه نسف لقيم وتقاليد، يضع محاولة تغييرها في خانة «المحرمات».

2 - الفساد المستشري في مؤسسات الدولة، إذ تقلص، ولا نقول تنهي، سياسات الحكومة الإلكترونية، وطرق تنفيذ الإجراءات الحكومية عبرها. وهذا يشمل الكثير من قنوات الفساد القائمة حاليا، والتي تطورت عبر عصور منذ أن عرف الإنسان اول شكل إداري لمؤسسات حكومية. فمنصة حكومية ذكية وكفوءة، تحارب، عبر أطرها الإلكترونية التي تم تصميمها ثغرات الفساد التي يعاني منها الجهاز الحكومي التقليدي. ولابد لنا أن نشير إلى أن صمامات الأمان المحاربة للفساد المصاحبة لبناء منصات الحكومة الإلكترونية، تصعب العملية على طرفي العملية: الراشي والمرتشي، ومن ثم فمحاربة الفساد من العقبات الكأداء أمام أي مشروع لحكومة إلكترونية.

3 - الكلفة الباهظة، فالتحول من التقليدي إلى الإلكتروني يتطلب رصد موازنات كبيرة قادرة على تحمل كلفة البناء والتشغيل والصيانة والتطوير. ونحن هنا نتحدث عن نقلة نوعية في مؤسسات الدولة وأجهزتها التي تنال كل مواطن من جهة، وتغطي العلاقات بين مؤسسات الدولة ذاتها من جهة ثانية. ولابد أن نراعي أن مصدر الكلفة الباهظة لا ينحصر في البناء والتشييد، وإنما يمتد لكلفة تهيئة المواطن، وتطوير أدواته التي يستخدمها كي يكون قادرا على الانتقال والتعامل بالكفاءة المطلوبة لتسيير مشروع حكومة إلكترونية ناجح.

4 - تحديد التقنيات الملائمة، ومصدر ذلك تعدد التقنيات من جهة، وقدرة كل منها على مخاطبة الأخرى وتبادل المعلومات والخدمات من جهة ثانية. وما يدفعنا إلى إثارة هذه المشكلة، هو أن أية منصة حكومة إلكترونية لن يتم تشييدها من الفراغ، إذ يصعب اليوم الحديث عن دولة مجردة من أنظمة معلومات قائمة، والبعض منها يعود تاريخه، حتى في البلدان النامية، إلى عشرات السنين. من هنا فإن أية منصة لحكومة إلكترونية تشاد اليوم، لابد أن تتوافر فيها مواصفات تؤهلها لمخاطبة الأنطمة القائمة من أجل تهجير (Migration) التطبيقات والمعلومات القديمة إلى المنصة الجديدة من جهة، من دون إغفال قدرتها على النمو والتوسع مستقبلا من جهة ثانية.

5 - اختيار الحلول المناسبة والمرنة، فحتى في حال وقع الاختيار على التقنية المناسبة، يعتبر اختيار الحلول الصحيحة من الصعاب التي تعترض طريق بناء منصة إلكترونية كفوءة. والتجارب الشاهدة على ذلك كثيرة، وشهدت السوق العالمية، بما فيها الخليجية، الكثير من التجارب الفاشلة جراء اختيار الحلول غير المناسبة. فما يصلح لدولة معينة، قد يكون فاشلا في أخرى. وفي بيئة مثل بيئة الحكومة الإلكترونية، حيث تتعدد الوزارات، وتتكاثر معها الإدارات التابعة لكل منها، ويأتي فوق ذلك كله المواطن والمقيم الذي تخاطبه تلك المنصة، كل ذلك يجعل من «الحلول» العقبة الحقيقية التي عليها يتوقف مصير المنصة بكاملها.

6 - التعدد اللغوي، وعلى مستوى الوطن العربي، لابد لهذه المنصات من أن تكون متعددة اللغات، كونها ستعالج وتخزن وتبث معلومات غالبيتها مدونة باللغة العربية، كما أنها توفر خدماتها لزبائن «العربية» وهي اللغة الأم التي يتعاملون بها. ونحن لا نتحدث فقط عن الواجهات، بقدر ما نشير إلى مكونات من مستوى محركات البحث، والتشفير.

7 - الشريك التقني، أو الجهة المنفذة لإستراتيجية الحكومة الإلكترونية، والتي ينبغي أن تتجاوز ذهنية البائع المتجول إلى عقلية الشريك المساهم، فالعلاقة بين الطرفين، ذات بعد استراتيجي طويل الأمد، قد يصل إلى عقود من الزمن، وبالتالي فإن أسس العلاقة ينبغي أن تبنى على الشراكة أكثر من أي صيغة، قانونية أو تجارية، أخرى.

8 - المحتوى والخدمات، تتحول المنصة إلى جثة هامدة، فيما لو اكتفت الدولة ببناء المنصة، من دون أن تولي المحتوى وصيانته وتحديثه بشكل دوري، ربما يصل إلى عمل مستمر على مدار الساعة. والأمر كذلك بالنسبة إلى الخدمات. فأول مسمار يدق في نعش الحكومة الإلكترونية، عندما يجد الزائر معلومات خاطئة أو بالية، أو يكتشف أن خدمات الدوائر التقليدية، أكثر كفاءة وأقل كلفة من تلك التي يجدها في بوابة الحكومة الإلكترونية

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2300 - الإثنين 22 ديسمبر 2008م الموافق 23 ذي الحجة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً