العدد 2097 - الإثنين 02 يونيو 2008م الموافق 27 جمادى الأولى 1429هـ

من لطائف الصهاينة والأميركان

محمد علي الهرفي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

لأحبابنا الصهاينة والأميركان لطائف لا تعد ولا تحصى، ولو أن هؤلاء عاشوا في عصر الأدب الزاهرة للأمة العربية لحظوا بالنصيب الأوفر من المؤلفات التي تتحدث عن نوادرهم ولطائفهم و«خفة دمهم» لأنهم فاقوا شعوب الأرض جميعا في هذه المسائل، ولكن سوء حظهم جعلهم يخرجون في عصر عقم الأدب وقلة المحتفين به فلم يجدودا - والله أعلم - إلا واحدا مثلي يتحدث عن مآثرهم ومكارم أفعالهم!

ولأن هذه اللطائف كثيرة يصعب حصرها فإنني سأكتفي بالحديث عن بعضها، والبعض يغني عن الكل ويدل عليه، وكما قال أسلافنا العرب في أمثالهم: «البعرة تدل على البعير والأثر يدل على المسير».

اللطيفة الأولى: أحبابنا الأميركان الذين جاءوا إلى العراق لإنقاذه من دكتاتورية صدام وإشاعة حياة الحرية فيه قتلوا من أبنائه نحو المليون شخص - مباشرة أو بسببهم - وشردوا بضعة ملايين في آفاق الأرض، وقالوا لنا: إن ثمن الحرية غال ونفيس ولابد من بذل الدم في سبيل الحصول عليه...

صدقناهم لاسيما وأن صاحبنا «شوقي» رسخ في أذهاننا هذا المعنى لأنه - رحمه الله - علمنا أننا لكي ننال حريتنا لابد أن نضحي من أجلها بدمائنا، فالحرية حمراء بلون الدم! لكن «شوقي» - غفر الله له - لم يقل لنا ماذا نفعل عندما يقتل أبناؤنا بالعشرات ويقول القاتل: «Iam sorry» ولا شيء غير ذلك وكأنه يمن علينا بهذه الكلمة! من المؤكد أن السيد «شوقي» ما كان في مخيلته أن أحدا من البشر قد يرتكب هذه الجريمة ويكتفي إزاءها بتلك العبارة السخيفة.

لكن أحبابنا الأميركان فعلوها مرارا، وقتلوا العشرات من أبناء العراق، وفي كل مرة كانوا يدعون أن فعلهم كان عن طريق الخطأ وتنتهي المسألة عند هذا الحد، وبطبيعة الحال لا يجرؤ «حكام العراق» على محاسبتهم، وربما قيل: إن لهم أجرا واحدا أنهم اجتهدوا وأخطأوا فما يقال عن قضاة المسلمين يقال عن جنود الأميركان والله أعلم بالصواب!

الأميركان قتلوا ثلاثة أشخاص من عائلة واحدة وفي منزلهم (الأب والابن والزوجة) ثم تركوهم من دون أن يخبروا أحدا عما فعلوه «خطأ» وكأن شيئا لم يكن وانتهت القصة.

الجميل في المسألة أن الأميركان «اللطفاء» يعوضون - أحيانا - أسر القتلى ببضعة مئات من الدولارات يأخذونها من الخزينة العراقية. أما إذا قتل لهم قتيل في أي بلد فلا يكتفون إلا بعشرات الملايين من الدولارات...

طبعا الدم الأميركي له قيمة لا يصل إليها الدم المستباح في العراق!

اللطيفة الثانية: لأن الأميركان يتقدون في الصناعة، ولأنهم يبحثون عن كل جديد يفيدهم في صناعتهم فقد وجدوا في الأسرى العرب مادة جيدة تعينهم على تقدمهم العلمي فاستخدام الأسرى العرب أفضل وأرخص من استخدام القرود والفئران والضفادع، لاسيما وأن الله سهل لهم الحصول على هؤلاء «الأجساد» الذين لا يسأل عنهم أحد، بل وإذا قيل لبعض ذويهم تعالوا خذوا «هؤلاء» رفضوا ذلك تأدبا مع «السادة» وإعطائهم الفرصة الكافية لإمال تجاربهم عليهم!

السيد المحترم «مايكل هايدن» مدير وكالة الاستخبارات الأميركية اعترف - للمرة الأولى - أن وكالته استخدمت تقنية «الاغراق» مع بعض المعتقلين من القاعدة...

هذا السيد «اللطيف» يحسب ان العالم بحاجة إلى اعترافه، وكأن هذا العالم يجهل ما يجري عند أصحاب «التقنيات» وفي كل سجونهم سواء ما كان منها في بلادهم أو في خارجها...

ظني ان هذا السيد يريد القول إنه يبحث عن تقنية جديدة، وان وسائل البحث العلمي يجب ان تكون متاحة أمام وكالته التي تسعى لتحقيق الخير للبشرية بمثل تلك «التقنيات»، وربما عدم نطق أية حكومة من الحكومات التي ينتمي إليها أولئك جعله يثق بموقفه «الحيكم» باعتبار أن تلك الحكومات ربما تشجع على المعرفة العلمية! أما حقوق الإنسان فلا تنطبق على هؤلاء لانهم ليسوا من «بني الإنسان»!

اللطيفة الثالثة» يعتقد الأميركان ان من حقهم ان لايزعجهم مخلوق على وجه الأرض، وان المال أو النفط الذي يملكه بعض المخلوقين يجب ان لا يكون وسيلة لازعاجهم والا فالويل لأولئك القوم من سوء أعمالهم!

هذا المعتقد «اللطيف» عبر عنه مدير الاستحبارات القومية الأميركية»مايكل مكونيل» عندما قال في تقرير له: إن القدرات المالية لروسيا والصين ودول أوبك قد تستخدم - لا قدر الله - لممارسة ضغط سياسي على أميركا...

ثم استمر - لافض فوه - قائلا: ان ضعف الدولار بالنسبة إلى مصدري النفط قد يدفعهم - لاقدر الله - إلى التفكير في فك ارتباط عملاتهم بالدولار الضعيف!

اتفق مع السيد المحترم في حقه من الانزعاج من أولئك «النفر» الذين يملكون مالا كثيرا، فالاميركان أحق به منهم! أما دولارك «الضعيف» يا سيدي «اللطيف» فاطمئنه فإن «القوك» متمسكون به حتى «الموت» وقد ينزعجون منك لأنك وصفت دولارك «بالضعف» وهو وصف يحز في نفوسهم!

اللطيفة الرابعة» سأجعلها للتوأم الأميركي «الصهاينة» فؤلاء لهم لطائف لانقل جمالا عن لطائفهم اخوانهم الأميركان/ و«مافيش حد أحسن من حد» بحسب قول اخواننا المصريين!

رئيس الموساء الاسرائيلي «ميئر دغان» وعلى غرار مثيله الأميركي تحدث امام الكنيست وعبر عن انزعاجه وبلده من قيام سورية وحزب الله وإيران يتطوير صواريخ قد يصل مداها إلى العمق الاسرائلي...

وقال الرجل «المحترم» ان الفلسطينيين في غزة قد يتسفيدون من هذه التكنولوجيا وهذا يؤثر على الاعمال «الجليلة» التي يقوم بها الصهاينة في غزة أو التي قد يقومون بها لاحقا في لبنان أو سورية!

السيد «المجبل» لا يريد من أحد ان يفعل اي شيء يجعل «جماعته» يترددون في ارتكاب مجازرهم أو التردد في مهاجمة الأخرين، وهم ان فعلوا شيئا من ذلك فهم مجرمون قتلة يجب ايقافهم عند حدهم!

الصهاينة محترمون تمتلئ قلوبهم بالرحمة وعقولهم بالعدالة، فمن حقهم امتلاك اي سلاح يريدونه، وتاريخهم «الحافل» شاهد على ذلك! اما العرب فمجموعة من «البرابرة» لا يجوز لهم حتى الدفاع عن أنفسهم، فإن فكروا في ذلك - وهذا نادرا ما يحصل - فالويل لهم مما يفعلون!

اللطيفة الخامسة والأخيرة: وهذه لطيفة من نوع خاص ومن العيار الثقيل أرويها لكم، سادتي القراء - على ذكة صحيفة «الخليج» الاماراتية الأربعاء 29 محرم 1429هـ.

هذه المرة اتجه الصهاينة إلى «البابا» بنديكتوس السادس عشر، وقالوا له: يا أيها البابا إنك «بابا» طيب القلب وان صلاتكم تسيء الينا فهلا غيرتم هذه الصلاة السيئة!

قال البابا: استغفر الله من كل ذنب عظيم، فماذا تستنكرون علينا في صلاتنا؟ قالو: أنكم في صلاتكم في يوم الجمعة وفي قداسكم اللاتيني تسألون ربكم ان يجعلنا نعتنق المسيحية، ونحن لا نحب هذا الين ونخشى ان يستجيب الله دعاءكم فنصبح مثلكم! بالله عليك «يا بابا» لا تقولوا هذا الدعاء في صلاتكم...

قال البابا: صدقتم واحسنتم، ومع هذا الدعاء قديم قدم ديانتنا، ومع اننا كنا نسأل الله في أدعيتنا أن يحرركم من «الظلمة» و»انعدام البصر» الا اننا ابراما لكم سنزيل كل هذه الأدعية التي تزعجكم وسنأمر اتباعنا اعتبارا من 21 مارس/ آذار المقبل وفي يوم الجمعة العظيمة ان يسألوا الله «ان ينير قلوبكم» وهذا دعاء لطيف قد ينفعكم كثيرا!

حصل اليهود من «البابا» الطيب على ما يردون، وما دعات «المسيحية» تزعجهم، وهاهم يحاولون مع «الإسلام» المحاولة نفسها، ولكن مشكلاتهم مع هذا «الاسلام» على حد قول الشاعر العربي - بتصرف -

ولو كان «البابا» واحدا لا تقيته

ولكنه «بابا» وثان وثالث

ولعل من حسن حظ الاسلام كثرة «البابوات» فيه والا «لضعنا بين الرجلين» ولا حول ولا قوة إلا بالله!

وإذا كان مقالي عن «الطائف» الأميركان والصهاينة فإني أريد ان أختمه بـ «لطيفة» يرددها بعض العرب - الاقماح - وهي: ان السلام مع العدد الارهابي أمر يمكن حدوثه!

إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"

العدد 2097 - الإثنين 02 يونيو 2008م الموافق 27 جمادى الأولى 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً