العدد 2097 - الإثنين 02 يونيو 2008م الموافق 27 جمادى الأولى 1429هـ

الكهرباء... قطعٌ ثم ينهمر!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

قبل ثلاثة أيام، أعلن الرئيس التنفيذي لهيئة الكهرباء والماء، إصلاح 90 في المئة من شبكة الكهرباء، وان الـ 10 في المئة الباقية أخّرها المقاولون!

الرئيس التنفيذي للهيئة قال أيضا إن مستوى الانقطاعات انخفض كثيرا مقارنة بالعام الماضي في الفترة نفسها، ورجع مرة أخرى ليحمل على المقاولين بقوله: «هذه الانقطاعات ما كانت لتحدث لو أن المقاولين الموكلة لهم مهمة تطوير شبكة التوزيع التزموا بمواعيد إنجاز الأعمال المكلفين بها». إذا... فالمتهمون الرئيسيون هذا العام هم المقاولون الملاعين!

الكهرباء، يوم كانت وزارة (قد الدنيا)، كانت تنتقي كل عام طرفا لتلقي عليه مسئولية الانقطاعات المزمنة التي طال عمرها على خمسة وعشرين عاما، فمرة شركة الألبا أو الألبان، ومرة الأحمال والأثقال الزائدة... ومرة ما أوحى به إليها أحد النواب الدهاة، حين ادعى العام الماضي أن 50 في المئة من انقطاعات الكهرباء تكون لأسبابٍ سياسية! أما هذا العام، فإن الوزارة التي تحوّلت إلى هيئة جميلة مثل العروس، اختارت المقاولين الذين لا يرقبون في هذا الشعب إلاّ ولا ذمة لتضربهم بالمطرقة!

من حقها... ويستاهلون! عاد يا من لا تخافون الله... هاللون تتلاعبون بالحسبة، ما تخافون ربكم؟ تتسببون في تأخير 10 في المئة من إصلاح شبكة الكهرباء دون أن تخافوا ربكم! صج ما عندكم سالفة!

في اليوم الذي نشرت فيه المقابلة، كان أول من التقيت به في مبنى الصحيفة أحد الفنيين من سترة، كان وجهه متورما لقلة النوم، ولم يكن يحتاج إلى أكثر من سؤال عن أخباره، ليسرد لك عذابات الليلة السابقة: «البارحة ما نمنا، الكهربا مقطوعة من الساعة 11 حتى سبع الصبح، وما دّوروا يطفّون علينا الكهربا إلاّ مع بداية الامتحانات، لا إحنه ولا أولادنا نمنا البارحة».

كان ذلك مساء السبت، أما مساء الأحد، فمع عودتي إلى البيت، حوالي الساعة 11 إلاّ خمس دقائق، كنت أمنّي النفس بمشاهدة ثلاث نشرات أخبار، وقبل أن أمدّ يدي لمفتاح التلفزيون إلاّ وقد انقطعت الكهرباء. تقولون على موعد! أخذت أبحث في الظلام عن شمعة، وعن عود ثقاب لإشعالها. اكتشفت أننا لم نحسن الاستعداد لاستقبال الصيف، وهذا تقصيرٌ اعترف به كرب أسرة. خرجت إلى البرادة القريبة، مدّ لي العامل الآسيوي شمعة بخمسين فلسا، وشخاطا بـ 25 فلسا. وكنوعٍ من التعويض طلبت شخّاطين، وثماني شموع احتياطا للأيام المقبلة، فمادامت هذه هي البدايات، الله يستر من النهايات، فالصيف الساخن سيكون هنا بسبب انقطاع الكهرباء، وليس في لبنان كما تنبأ المبعوث الأميركي الخاش باش ديفيد ولش!

الكهرباء يوم كانت وزارة، وبعد سنوات من الاخفاقات في كسب ثقة الجمهور الذي لم يعد يصدق تصريحات المسئولين، انتهت إلى اختيار كبش فداء لتضحي به كلما أقبل الصيف، شركة أو مؤسسة أو حتى الجمهور نفسه! أمّا بعد أن تحوّلت إلى هيئة جميلة، فوقع اختيارها على المقاولين هذا العام! وبينما كانت تتفاخر فيما مضى بسياسة «القطع المبرمج» للكهرباء كإحدى انجازاتها الكبرى، فإنها اختارت سياسة المباغتة في الهجوم... هذه هي البداية، وكما قالوا في قطر: قطعٌ ثم ينهمرُ!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2097 - الإثنين 02 يونيو 2008م الموافق 27 جمادى الأولى 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً