تبدو سفيرتنا في الخارجية البحرينية اليهودية الديانة هدى نونو حديث الساعة في أوساط الحقوقيين البحرينيين على اختلاف ميولهم، وما خلا أن تكون ديانتها اليهودية محور التعليق الرئيسي عن الأنباء المسربة والقريبة من الصحة حول تعيينها سفيرة للبحرين في واشنطن فإن تعليقا منصفا أو واقعيا على هذا النبأ لم نسمع به بعد.
الجهات التي أبدت تحفظها على هذا التعيين، ارتكزت على أن البحرين تود أن ترسل رسائل واضحة للولايات المتحدة عبر تعيين نونو - اليهودية الديانة - سفيرة في واشنطن لتدعم من موقفها في ملف التمييز ولتؤكد حماية حقوق الأقليات الدينية في البحرين قبل غيرهم، وأعتقد أن في مثل هذا التفسير هفوات عدة، وخصوصا أن البحرين لا تحتاج لإرسال أي رسائل على هذه الشاكلة، فالبحرين وإن كانت مدانة في ملف التمييز تحديدا إلا أنها تتمتع بغطاء أميركي كبير، أقل إشارات هذا الغطاء، تلك الإشادات المتكررة من واشنطن على لسان الرئيس الأميركي جورج بوش بالديمقراطية في البحرين. واشنطن التي لم تحرك ساكنا عقب طرد فوزي جوليد ممثل NDI في البحرين لا يبدو أنها ستكترث بتقرير جنيف. وهو ما يجعل الحديث عن أن تعيين السفيرة هدى نونو بمثابة الترضية البحرينية لواشنطن مبالغة واضحة وهو حديث أو اعتراض ذو مرجعية سياسية تختص بالصراع الطبيعي بين الدولة والمعارضة.
وخلاف أن الحديث والارتكاز على «يهودية» نونو في حد ذاته هو حديث «عاطل» و «باطل»، كذلك هو الحديث عن مدى خبراتها العلمية والعملية في أن تكون أو لا تكون سفيرة للبحرين في واشنطن، فهل كان سفراؤنا المعينون سابقا في العواصم العربية والعالمية على الدوام مؤهلين، ويكفينا في هذا الصدد أن نضطلع على تجارب بعض هؤلاء السفراء في الدول العربية والغربية والتي تبعث على الازدراء وخصوصا حين يعرض بعضهم تلك التجارب على صفحات الصحف، وهنا يكون السؤال بالتحدي، ما الذي حصل؟ أو تغير؟ حتى تتعرض هدى نونو تحديدا من قبل بعض نشطاء حقوق الإنسان لمثل هذا التعرض والتحرش السياسي الذي لا نخشى أن تكون العنصرية الدينية مختلطة به بطريقة أو أخرى.
هدى نونو البحرينية قبل أن تكون يهودية عملت في الكثير من المراكز والهيئات الحكومية، وما خلا أنها كانت في كل مراحل عملها السياسي والحقوقي من النوع الذي يتحاشى الدخول في المناطق الحمراء أو الحساسة فإن تعيينها سفيرة في واشنطن لا يبدو بالحدث الجلل، فليست سفارة البحرين في واشنطن من تمسك بالقرار السياسي في البحرين وليس ثمة رسائل تحتاج المنامة أن ترسلها لواشنطن التي تبدو واضحة في خياراتها ورؤيتها التي لا تريد أكثر مما هو موجود فعلا.
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 2097 - الإثنين 02 يونيو 2008م الموافق 27 جمادى الأولى 1429هـ