كنّا في زيارة للندن. تجولنا في أرجائها بين شوارعها المشهورة من «إيجور رود» إلى»Oxford street» (ترعة الثور) إلى «الطرف الأغر» (المكان الذي صدّ فيه الإنجليز هجوم الفرنسيين) إلى «Kingstone» (صخرة الملك) إلى متاحف لندن العجيبة، إلى مبنى البرلمان العتيق، إلى جسر لندن... إلخ.
كم يحترم الإنجليز تاريخهم وتراثهم العريق. تلك المسميات التي تغطي شوارع لندن تلك المدينة «التراثية» تدل على ذلك. بيوت لم يصل إليها مشروع البيوت الآيلة للسقوط وظلت على حالها منذ الحرب العالمية الثانية، وسكة حديد تحت الأرض (Underground) لم يصل إليها التمدن؛ لأن التراث أهمّ.
كانت مدام توسو على حق حينما اختارت لندن لتقيم فيها متحفها الشهير عالميا، والذي طوّره البريطانيون ليضيفوا إليه نكهة الماضي «الأليم نوعا ما» عبر تصوير العهد الإقطاعي بمقاصله، وسجونه الانفرادية وطواميره، ولكن من أجل التراث أيضا.
كل مدن أوروبا خصوصا والعالم عموما تحافظ على تراثها، إلا نحن. نحن الذين نفرّط في تراثنا الذي يضارع تاريخ بريطانيا والعراق مجدا وعراقة وسمعة.
بيوت عريقة بالمحرق تهمل وتهدم من أجل الجشع، وأسواق تبلى لأنها «مو قد المقام»، وتلال تحوي تراثا عريقا تهدم؛ لأن قاطنيها «كفرة ولا نتشرف بأن يكون آباؤنا كفرة»، وأوانٍ تسرق من قلعة البحرين؛ لأن هذا التراث بات يشكّل عبئا على من لا يمت لهم هذا التراث بأية صلة. فهل رجع صدانا يسمع؟، نتمنى ذلك.
إقرأ أيضا لـ "أحمد الحداد"العدد 2097 - الإثنين 02 يونيو 2008م الموافق 27 جمادى الأولى 1429هـ