العدد 2097 - الإثنين 02 يونيو 2008م الموافق 27 جمادى الأولى 1429هـ

الإمارات وعُمان تنويان فرض ضريبة القيمة المضافة

جاسم حسين jasim.hussain [at] alwasatnews.com

تناقلت بعض وسائل الإعلام في الأيام القليلة خبرا يشير إلى وجود نية في كل من الإمارات وعُمان لفرض ضريبة القيمة المضافة والمعروف عالميا بمسمى مختصر وهو (في أي تي). وإذا ما صحت التوقعات، ستبلغ قيمة الضريبة 4 في المئة في الإمارات و 5 في المئة في عُمان. لا يوجد تاريخ محدد لتطبيق الضريبة المقترحة لكن من المستبعد أن يتم فرضها قبل نهاية العام 2008.

ومن المتوقع تطبيق الضريبة حال إقرارها بشكل رسمي على السلع والخدمات المحلية ومنها المستوردة في حال الإمارات. بدورها ترغب عُمان في فرض الضريبة على السلع العامة باستثناء الرعاية الطبية.

ما بين البائع والمشتري

تتميز ضريبة القيمة المضافة بفرض ضرائب في مختلف مراحل مرور السلعة أو الخدمة بين البائع والمشتري أو المراحل التي تمر بها عملية توفير السلعة أو الخدمة. يقال بأن 140 دولة في العالم تفرض ضريبة القيمة المضافة وخصوصا الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. وتشكل ضرائب القيمة المضافة نحو 20 في المئة من مجموع مختلف الضرائب المفروضة في العالم. تفرض العديد من الدول الأوروبية ضريبة قيمة مضافة تزيد عن 15 في المئة من قيمة السلعة.

يختلف الأمر مع ضريبة المبيعات والتي يتم فرضها في وقت شراء السلع تماما كما هو الحال مع الولايات المتحدة. يلاحظ المسافر للولايات المتحدة بأن عليه دفع ضريبة فوق سعر السلعة التي يرغب في شرائها. بالمقابل، يتم فرض ضريبة القيمة المضافة في إطار السعر النهائي للمشتري ولا يشعر بها المشتري بالضرورة.

تعويض الرسوم الجمركية

ويبدوا بأن فكرة ضريبة القيمة المضافة تعود جزئيا إلى تعويض الخسارة في الرسوم الجمركية أو ربما بديلا عنها. يشار إلى أن غالبية الدول الأعضاء خسرت جانبا من الرسوم الجمركية بسبب دخول اتفاقية الاتحاد الجمركي حيز التنفيذ في بداية العام 2003. على سبيل المثال، كانت إحدى دول مجلس التعاون تفرض ضريبة قدرها 20 في المئة على واردات السيارات لكنها انخفضت إلى 5 في المئة بسبب اتفاقية الاتحاد الجمركي الأمر الذي يشكل خسارة لإيرادات الموازنة العامة.

إضافة إلى ذلك, هناك مسألة اتفاقيات التجارة الحرة التي بدأت بعض دول المجلس تبرمها بشكل انفرادي مع الدول الأخرى. فقد أبرمت كل من البحرين وعُمان اتفاقية لإنشاء منطقة للتجارة الحرة منفصلة مع الولايات المتحدة. فمع دخول اتفاق إنشاء منطقة للتجارة الحرة حيز التنفيذ قبل أكثر من سنة ونصف أصبح لزاما على البحرين وعُمان إعفاء أكثر من 90 في المئة من الواردات الأميركية من أية رسوم جمركية، الأمر الذي يشكل خسارة للخزانة العامة.

المؤكد أن العلاقات الاقتصادية لدول مجلس التعاون في تطور مستمر بدليل وجود رغبة في إبرام اتفاقيات مع المزيد من الدول مثل الهند والصين واليابان. وفي الغالب تتضمن هذه الاتفاقيات تقليص الرسوم الجمركية لغرض تشجيع التبادل التجاري.

هناك حديث عن قرب توقيع اتفاقية لإنشاء منطقة للتجارة الحرة بين الاتحاد الأوربي وعددها 27 دولة، ودول مجلس التعاون الست وما سيترتب على ذلك من تقليص للرسوم الجمركية على السلع بين المجموعتين.

محدودية الأدوات

لا تمتلك السلطات في دول مجلس التعاون الكثير من الأدوات للتأثير على الأوضاع الاقتصادية، الأمر الذي يستدعي تبني أدوات جديدة ومرنة في الوقت نفسه. فمعدلات الفائدة ما هي إلا امتداد لتلك السائدة في الولايات المتحدة بسبب ارتباط العملات الخليجية بالدولار الأميركي. فالمعدلات إما تصعد أو تنخفض عندنا بسبب الأوضاع الاقتصادية في الولايات المتحدة. وتعتبر معدلات الفائدة متدنية بشكل نوعي في الوقت الحاضر بسبب قرارات مجلس الاحتياط الفيدرالي بالولايات المتحدة. كما لا تفرض دول مجلس التعاون ضرائب على دخل المؤسسات أو الأفراد, ما يعني غياب أداة حيوية أخرى للتأثير على التطورات الاقتصادية. بيد أن الحكومات تمتلك أداة واحدة للتأثير على الأوضاع الاقتصادية وهي مصروفات القطاع العام. كما أن إيرادات الضرائب على التجارة الدولية (والتي بدورها تمول جانبا من مصروفات الدولة) باتت معرضة للانحسار على خلفية تطور العلاقات الاقتصادية الدولية لدول المجلس.

رفض صندوق النقد

أما الجانب المميز في الأمر فهو موقف صندوق النقد الدولي والذي رأى بأن التوقيت غير ملائم محذرا من التداعيات السلبية للضريبة المقترحة على التضخم. ويخشى المدير الإقليمي لصندوق النقد الدولي، محسن خان أن يؤدي فرض الضريبة إلى تسجيل زيادة بنسبة 2 في المئة. من المتوقع أن يتم تسجيل نسبة تضخم قدرها 10 في المئة في الإمارات وأقل من ذلك في عُمان مع نهاية العام الجاري.

المفروض من الصندوق مباركة مثل هذه الخطوة وليس ذمها لأنها تنم عن تخطيط سليم للمالية العامة لأنها تساهم في تنويع مصادر الدخل. الوضع الحالي غير طبيعي في كل الأحوال نظرا للاعتماد النسبي الكبير على الإيرادات النفطية. يشكل الدخل النفطي نحو 70 في المئة من مجموع إيرادات الخزانة العامة في دول مجلس التعاون وهي نسبة كبيرة في كل الأحوال.

ظروف مناسبة

ما نريد أن نقوله هو أن فرض نوع من ضريبة على المبيعات مسألة ليست غريبة لغرض الحفاظ على التوازن المالي للموازنات العامة. ربما يقول قائل: إن الأوضاع المالية ممتازة في هذه الفترة نظرا لارتفاع أسعار النفط في الأسواق الدولية. بل على العكس ربما يكون الوقت مناسبا لتنفيذ الضريبة، إذ يمكن تنفيذ المشروع الطموح بانسيابية. فارتفاع الدخل النفطي يشكل نوعا من صمام أمان لتصحيح الأخطاء في المرحلة الأولى للتنفيذ.

ختاما ربما تحتم الظروف الموضوعية على متخذي القرارات الاقتصادية التفكير جديا في فرض هكذا ضريبة كما هو الحال في كثير من الدول الأخرى في العالم. ربما تصبح الضرائب حقيقة يومية في دول مجلس التعاون في المستقبل المنظور.

إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"

العدد 2097 - الإثنين 02 يونيو 2008م الموافق 27 جمادى الأولى 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً