قبل شهرين، طالب بعض رجال الأعمال بتسفير العمالة الهندية التي نظمت عدّة إضرابات لرفع الأجور، وقبل أسبوع، طالب بعض رجال البرلمان بتسفير الجالية البنغالية؛ لأن عاملا واحدا منها قتل أحد المواطنين. وفي الحالتين كلتيهما يدلّ الحديث على المراهقة «الاقتصادية والسياسية»!
تعداد الهنود اليوم يصل إلى 230 ألف نسمة، والبنغاليون رسميا 90 ألفا وربما يزيدون بفضل استمرار تجارة الفري فيزات والمتاجرة برؤوس العمال، التي تسميها الأمم المتحدة بـ «الاتجار بالبشر»! وهناك جالياتٌ أخرى من الشرق والغرب، بعشرات الألوف، بعد أنْ أصبح البحرينيون، نصف السكّان، ولأوّل مرةٍ في تاريخ هذه الجزر!
الذين يُطالبون بتسفيرهذه العمالة وتهجير تلك، لا يدركون أنّ ذلك مستحيل! فلنفكّر معا تفكيرا جماعيا عن البديل، فبعد أنْ شطبنا الهند والبنغال، وفي الطريق الباكستان، هل بقيت لدينا خيارات استراتيجية لاستيراد العمّال؟
طبعا الأنظار متجّهة نحو جنوب شرق آسيا؛ لأنها أكثر أمنا من الاتجاه غربا نحو إفريقيا، حيث الحروب القبلية والعرقية والاثنينة! والمطلوب أنْ تكون عمالة رخيصة، ومطيعة، وتعمل في صمتٍ «مثل الحمير»، على حد تعبير أحد رجال الأعمال البشريين!
في جلسةٍ للعصف الذهني للبحث عن البدائل، اقترح أحدهم الاتجاه نحو جزيرة سريلانكا، فهي جزيرة صغيرة وفقيرة وحبّوبة مثلنا! صحيح أنّ هؤلاء قومٌ لا يأكلون إلاّ قليلا، ويعملون كثيرا، لكنهم قومٌ قادمون من جزيرة مضطربة، أصبح القتل لهم عادة، والتفجيرعبادة، وخصوصا إذا كانوا من التاميل، نمور وفهود وأسود... فما أصبركم على هؤلاء!
البعض اقترح اللجوء إلى فيتنام، فهؤلاء قومٌ يعملون في حقول الأرز من الشروق إلى الغروب، لهم ظهورٌ لا تنحني، وأجسادٌ لا تتعب، قاتلوا الجيش الأميركي في أوج قوّته وجبروته عشرين سنة، وهم نصف عراة، ونصف جياع، حتى دوّخوا الأميركان، وكلكم تعرفون معنى «عقدة فيتنام»، التي ظلّت تلاحقهم حتى غزو العراق. فهل مثل هؤلاء من أصحاب «الخشم المرفوع» الذين لم يصبروا على «تعنتر» الأميركان، يمكن أنْ يصبروا على ظروف العمل في معسكرات عملكم وفي المقاولات؟!
سيكولوجيا وبيولوجيا وسيمبثاويا، هناك اعتقادٌ شائعٌ بأنّ أشياء مثل الكرامة و»الخشم المرفوع» يتم توريثها في جينات بعض الشعوب، فالأفضل صراحة عدم التورّط في هذا الخيار السيمبثاوي الخطير!
طبعا بقي لدينا كمبوديا ولاوس، وهما قريبان من فيتنام، فلا تستبعدوا إنْ أصابتهم العدوى من حرب فيتنام!
الاقتراح الباقي هو الاستيراد من النيبال، فهذه دولة صغيرة قدنا، تعدادها مليون تقريبا، وتقع فوق الهند مباشرة، فوق قمّة جبال الهمالايا! يعني هالخطوة الاستراتيجية راح تُحسب لنا ليس فقط في إحداث اختراق بروليتاري عظيم، بل في تحوّل كبير في ميزان القوى الدولية! فنحن في خطوةٍ واحدةٍ سنقفز على شبه القارة الهندية، ونستغني دفعة واحدة عن جميع أفراد الجاليتين الهندية والباكستانية، وحتى البنغالية، ونستورد عمالة رخيصة، ومطيعة، وتعمل مثل الحمير! وهم جديدون على المنطقة، لا يعرفون كيفية احتساب فرق العملات، ولا التجارة في المخدرات، ولو تعطيهم عن كل يوم دينار راح يستانسون ويحبون يدهم مقلوبة!
صحيح فيهم كم واحد ماركسي ماوي، هذوله لازم نسوي لهم ملفات!
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 2095 - السبت 31 مايو 2008م الموافق 25 جمادى الأولى 1429هـ