العدد 2095 - السبت 31 مايو 2008م الموافق 25 جمادى الأولى 1429هـ

لبنان إلى أين؟

عبدالمنعـم الشـيراوي comments [at] alwasatnews.com

حتى أشد المتفائلين باتفاق الدوحة كان تفاؤلهم مشوبا بالحذر ومرجع ذلك معرفتهم بمعطيات الساحة السياسية إقليميا وعربيا وداخليا من جهة وقناعتهم بالمقولة بأنه «لا يستقيم الظل والعود أعوج». فلا الولايات المتحدة وإداراتها ستنكفئ وتتراجع عن مشروعها الاستراتيجي لمجرد هزيمتها في جولة واحدة وخصوصا أنه مشروع حيوي لمستقبل مشروعها الأكبر إلا وهو مشروع القرن الأميركي والسيطرة والتحكّم والهيمنة في مصادر الطاقة ويصب في اتجاه دعم وتقوية مشروع بقاء وسيطرة وهيمنة الكيان الصهيوني.

هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن دول الاعتدال العربي معنية بمشروعها المتوائم مع المشروع الأمروصهيوني، إلى جانب أهمية فرض وجودها وقيادتها للتوجّهات العربية على مستوى المنطقة ودعك من حساسيتها المفرطة من نجاح أية مبادرات أو حلول تنبع من أطراف عربية أخرى وبالذات من الدوحة.

والى جانب كلّ ذلك فإنّ توجهات الداخل اللبناني من قوى الموالاة كان واضحا وجليا أما خلال جلسة انتخاب فخامة الرئيس سليمان من خلال أداء نواب القوّات اللبنانية والآخرين خلالها أو على مستوى مباشرة استفزازاتها وممارساتها بعد جلسة انتخاب الرئيس. فلا تصريحات فارس سعيد ممثلا لقوى الموالاة للجزيرة مباشرة بعد خطاب سماحة الأمين العام لحزب الله في ذكرى التحرير, ولا تصريحات مستشار السنيورة وما تشرته الصحافة نقلا عنه بشأن أن اتفاق الدوحة مجرد هدنة ولا بيان قريطم الصادر بعد اجتماع كتلة المستقبل يوم الثلاثاء يُوحي بنيّة صادقة للالتزام باتفاق الدوحة وما اشتملت عليه من قرارات.

ولقد جاءت ممارسات مليشيات تيار المستقبل من خلال اعتداءاتها على المشاركين في احتفالات يوم النصر وماتلا ذلك من إلقاء للقنابل واعتداءات بالسلاح الأبيض وإطلاق الرصاص وتكسير السيارات إلاّ مثالا حيا على ما تضمره قوى الموالاة ومن ورائها الدعم والتحريض العربي ممثلا بدول الاعتدال, والعالمي ممثلا بالإدارة الأميركية.

ومن الواضح أنهم في استفزازاتهم هذه واعتداءاتهم يحاولون دفع قوى المعارضة للرد عليهم من أجل تحقيق ما فشلوا في تحقيقه في المرة السابقة من استدعاء لقوى عربية معروفة بالتزامها بالمشروع الأميركي وقوى حلف الأطلسي إلى جانب تحريضهم للجيش من أجل الصدام مع المقاومة وقوى المعارضة. فإذا أضفنا لكلّ ذلك ممارسات أجهزة الموالاة الإعلامية وممارساتها الإعلامية التحريضية التي تحاول من خلالها اللعب على أوتار الفتنة الطائفية، رغم ركون الأجهزة الإعلامية للمعارضة للتهدئة وعدم الانجرار للرد على استفزازاتها, فإنّ الكثير من علامات الاستفهام ستبرز أمامنا كمراقبين وقارئين لمعطيات الواقع على الساحة اللبنانية.

ومن جهة أخرى فلم يكن خطاب القسم رغم توازنه بين مختلف الأطراف مصيبا، خصوصا بالنسبة إلى أفراد جيش لحد العميل الذين هربوا إلى «إسرائيل». فهؤلاء كانوا ومازالوا عملاء للكيان الصهيوني وتجب محاكمتهم بتهمة الخيانة فهناك فرق بين الخطأ والخطيئة. ولا يعدم الباحث الدليل على ذهابهم بعيدا في الخيانة من خلال اشتراك العديد منهم مع جيش العدو للتصدّي والتنكيل بالمقاومة الفلسطينية داخل الكيان الصهيوني, وحتى في مناطق السلطة الفلسطينية. هؤلاء سيكونون إن عادوا من دون محاسبة مشروعات شبكات تجسس ورأس الحربة في مشروع القوّات اللبنانية لتقسيم لبنان إلى كانتونات طائفية.

ولقد كان سماحة الأمين العام لحزب الله في خطاب الاحتفال بيوم النصر (الذي كان من الواجب ومن الطبيعي أنْ يحتفل به ليس فقط الشعوب العربية والإسلامية على امتداد عالمنا العربي والإسلامي، بل وحتى الأنظمة العربية الرسمية ولو من منطلق أنّ ذلك النصر سواء على مستوى سنة 2000 أو 2006 له بعدا استراتيجيا يُعيد إليها بعض كبريائها الذي تمرّغ في التراب نتيجة هزائمها المتتالية أمام العدو الصهيوني)، لقد جاء ذلك الخطاب شفافا وواضحا ومباشرا وبعث من خلاله زعيم المقاومة العربية رسائل واضحة كان من الواجب تلقفها والعمل بها من أجل لبنان الذي أشبعتنا قوى الموالاة إدعاء بحبّه والحرص على سيادته واستقلاله وحريته والعمل من أجل تحسن ظروف أبنائه اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا.

وختاما نرجو الله صادقين أنْ تكون قراءتنا خاطئة، ولكن على أطراف الموالاة والداعمين والمحرضين لهم من خارج لبنان أنْ يعوا دروس المراحل السابقة ويتعلموا منها فقد قال سماحته والقوى العربية المقاومة على امتداد الساحة العربية معه، إنْ كان لا يجوز استخدام سلاح المقاومة في الداخل رغم أنه كان يُدافع عن وجوده ومشروعه المقاوم، فإنّه لا يجوز استخدام سلاح الجيش الذي سقط له شهيدا على يد مليشيات التقدّمي منذ أيام, والقوى الأمنية اللبنانية، ولا أية أسلحة تراكمها مليشيات السلطة ولا السلاح العربي من خلال اختراق الجامعة العربية من قبل أنظمة ما يسمى بالاعتدال العربي في الداخل اللبناني. فهل استوعبوا الدرس؟ أشـك في ذلك!

إقرأ أيضا لـ "عبدالمنعـم الشـيراوي"

العدد 2095 - السبت 31 مايو 2008م الموافق 25 جمادى الأولى 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً