العدد 2095 - السبت 31 مايو 2008م الموافق 25 جمادى الأولى 1429هـ

التهديدات الاقتصادية للتبغ... والشركات الناقلة للوباء

تحتاج جميع الأمراض المعدية والأوبئة إلى ناقل أو وسيط لنقل المرض وبالتالي يؤدي إلى الوفاة، وبالنسبة إلى وباء التبغ فإن الناقل له ليس فيروسا أو بكتيريا أو أي نوع من أنواع الجراثيم، إلا أنه يتمثل في الشركات المصنعة للتبغ واستراتيجيتها المتبعة لنشر استخداماته.

الجميع يعلم بأن وباء التبغ ما كان ليجتاح العالم لولا وجود هذه الشركات وتسويقها لمنتجاتها المميتة على مدى القرن الماضي، وقد استهدفت الشركات الناقلة لوباء التبغ منذ فترة بعيدة صغار السن والشباب لتعويضها عمن تفقدهم من البالغين الذين أقلعوا عن استخدام التبغ أو ممن سيموتون بسببه، وعلى رغم أن المدخنين يدمنون على التبغ فإن من غير المحتمل أن من لم يدخن قبل عمر العشرين أن يبدأ التدخين بعد هذا العمر، وكلما بدأ المدخن التدخين في عمر مبكر ازداد إدمانه على التدخين، وكلما ازدادت فترة تدخينه وبالتالي يكون أقل قابلية للإقلاع عنه من الذي بدأ التدخين متأخرا ولذلك تعلم هذه الشركات أن إدمان الشباب أملها الوحيد للمستقبل.

وتنفق شركات التبغ 10 مليارات دولار سنويا لتسويق منتجاتها، وتستخدم الوسائل المعتادة لترويج التدخين بين النساء والمراهقين والضغط على الحكومات لعدم رفع الضريبة الجمركية على منتجاتها وخاصة في الدول النامية، وعلى رغم إدعاءاتها بأنها توفر فرصا للعاملين وتسهم في رفع الدخل القومي للدول، ما يسهم في رفع الاقتصاد المحلي والعالمي، فإن معانات الدول من الأمراض والوفيات والخسائر الاقتصادية الناتجة عنها تفوق بكثير المساهمات التي تدعيها.

وتقدر الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الوفيات بسبب التدخين في الولايات المتحدة الأميركية وحدها 92 مليار دولار سنويا، وهي تصرف ما قيمته 81 مليار دولار سنويا على النفقات الصحية المتعلقة بتأثيرات التبغ الضارة، وبلغ حجم خسائر ألمانيا 7 مليارات دولار ومليار دولار سنويا في أستراليا، وإن العبء الاقتصادي الناجم عن الوفيات يهدد الدول النامية بشكل أكبر، إذ إن أربعا من كل خمسة وفيات مرتبطة بالتدخين من المتوقع حدوثها بهذه الدول بحلول العام 2030.

وتشير الدراسات إلى أن الفقراء أكثر استهلاكا للتبغ من الأغنياء، ففي بنغلاديش يصرف الفرد على التبغ 15 مرة أكثر من صرفه على التعليم، وفي إندونيسيا فإن الفئات الأقل دخلا تنفق ما مجمله 15 في المئة من دخلها على التبغ، بينما تنفق هذه الفئات في مصر 10 في المئة من دخل الأسرة على استهلاك التبغ ومنتجاته، إذ إن صرف الأموال على التبغ يعني عدم صرفها على المتطلبات المعيشية الأساسية مثل الصحة والتعليم والسكن، والفقراء أكثر عرضة للإصابة بالأمراض والوفيات المتعلقة بالتبغ من الأغنياء، ما يشكل عبئا على الاقتصاد والاستمرار في الحلقة المفرغة بين الفقر والمرض.

أما التدخين السلبي فبالإضافة إلى تأثيراته الصحية الضارة، فله تأثيرات خطيرة على مصادر الاقتصاد في الدول، فأميركا وحدها تنفق 5 مليارات دولار سنويا كإنفاق غير مباشر وأكثر من 5 مليارات أخرى كإنفاق صحي مباشر على الإعاقات وخسائر الأجور الناجمة عن استخدامات التبغ. ومع ارتفاع نسبة الإصابة بالأمراض المتعلقة بالتبغ خلال العقود القادمة فإن النفقات المالية التي ستصرف عليها ستلحق أضرارا اقتصادية شديدة خاصة على الدول القليلة والمتوسطة الدخل.

وعلى رغم أن وباء التبغ يهدد حياة الإنسان أكثر مما تهددها الأمراض المعدية، فإنه لا يتطلب مصلا أو تطعيما للوقاية منه، بل يتطلب انتهاج سياسات صارمة، وتكمن الوقاية بيد القادة والسلطات التنفيذية والتشريعية الذين يملكون الحل الذي من شأنه القضاء على وباء التبغ، والحل هو ما قالته المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية مارغريت شان: «إن صد هذا الوباء القابل كلية للوقاية يجب أن يكون على قائمة أولويات الصحة العامة بالنسبة إلى القادة السياسيين في كل دول العالم».

جمعية مكافحة التدخين

مترجم عن تقرير منظمة الصحة العالمية

عن الوباء العالمي للتبغ - 2008

العدد 2095 - السبت 31 مايو 2008م الموافق 25 جمادى الأولى 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً