في ضوء المعطيات السابقة، فقد ترتب على ذلك تركيبة لمجلس الأمّة 2008 تختلف قليلا عن المجلس. لقد حصلت التكتلات القبلية والسياسية على الغالبية، وتراجع نصيب المستقلين، ولم تفز أي امرأة. وضمن التكتلات فإنّ التكتلات القبلية الرئيسية (العوازم والرشايدة والعجمان ومطير) حصلوا على ثمانية عشر مقعدا، فيما حصلت الكتل السياسية الأخرى على تسعة وعشرين مقعدا وذهبت ثلاثة مقاعد للمرشحين المستقلين، علما بأنّ بعض نواب القبائل ذوو انتماءات إسلامية سلفية إخوانية.
ويلاحظ تقدم التجمّع السلفي وحلفاؤه من مرشحي القبائل والمستقلين بحصوله على عشرة مقاعد، مقابل تراجع الحركة الدستورية الإسلامية الإخوان من خمسة مقاعد إلى ثلاثة، وارتفع تمثيل التجمّع الإسلامي (الشيعة) من أربعة إلى خمسة مقاعد، كما تراجع تمثيل كتلة العمل الشعبي بزعامة أحمد السعدون من خمسة إلى أربعة. وبالمقابل فإنه ولأوّل مرة يتحالف ليبراليون مستقلون مثل النائب محمد الصقر مع المنبر الديمقراطي بزعامة أحمد الخطيب والتجمع الديمقراطي الليبرالي بقيادة أحمد بشارة في إطار التجمع الوطني الديمقراطي والذي حصل على سبعة مقاعد.
وإذا حدث تحالف ما بين نواب المجموعات القبلية أو ما يُعرف بنواب المناطق الخارجية وكل من كتلتي السلف والإخوان فإنهم سيشكّلون غالبية النواب المنتخبين لكن الوزراء هم حكما أعضاء في مجلس الأمّة بما لا يزيد عن خمسة عشر مقعدا وبالتالي فهم يرجحون اتجاه التصويت في مجلس الأمّة.
وبصفة عامة يمكن القول إنّ تركيبة مجلس الأمّة 2008 يغلب عليها الاتجاه الإسلامي المحافظ حيث يتداخل الولاء القبلي والاتجاه الإسلامي المحافظ ومن حيث التجديد فإن اثنين وعشرين نائبا في مجلس الأمّة 2008 هم وجوه جديدة.
وبالنسبة إلى رئاسة المجلس فيتوقع أنْ تذهب وللمرة الثالثة إلى النائب المستقل جاسم الخرافي، استنادا إلى دعم النواب الوزراء وكتلتي النواب الشيعة وكتلة التجمع الوطني الديمقراطي والنواب المستقلون. وقد ذكر أنّ رئيس المجلس الأسبق زعيم كتلة العمل الشعبي أحمد السعدون يجري اتصالات لمعرفة حظوظه بالفوز برئاسة المجلس، لكن ذلك مستبعد في ضوء تركيبة المجلس الحالية.
إنّ أهم حقائق مجلس الأمّة للعام 2008، هو صعود قوّة ممثلي القبائل والذين قد يشكلون تكتلا للعمل على تصحيح ما يعتبرونه ظلما تاريخيا بالمناطق الخارجية، سواء في الاتفاق الحكومي والمشروعات، أو في تركيبة مجلس الوزراء كما أنّ الحملة التي قادتها وزارة الداخلية ضد القيادات الشيعية إثر مجلس العزاء الذي أقيم على روح الفقيد مغنية، قد أدّى إلى مفعول عكسي وهو التفاف الناخبين الشيعة حول هؤلاء، وبالتالي ارتفاع نصيب كتلتهم من أربعة إلى خمسة، فيما كانت بعض الأصوات تذهب سابقا إلى مرشحين شيعة ليبراليين.
كما أنّ تراجع كتلة الإخوان لصالح السلف وتحالف السلف والقبائل، يجعل الاتجاه السلفي أكثر قوّة.
ويخشى نتيجة لذلك أنْ يزاد الاستقطاب الطائفي داخل المجلس ما بين السلف والشيعة.
ومن دون الحكم مقدّما على أداء مجلس الأمّة الحالي، فإنّ برامج التغيير الجذري التي طرحها معظم المرشحين، لن تجد من يحملها داخل المجلس، كما لن توجد كتلة أغلبية قادرة على التقدم ببرنامج متكامل تضغط لتحقيقه.
وعلى رغم ضعف الأداء الحكومي، واستقالة الحكومة وإعادة تشكيلها ثلاث مرات خلال أقل من عامين، فإنه لا يبدو أنّ حكومة قوية ومتجانسة وذات رؤية استراتيجية، حكومة التغيير الجذري تلوح في الأفق.
إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"العدد 2094 - الجمعة 30 مايو 2008م الموافق 24 جمادى الأولى 1429هـ