العدد 2094 - الجمعة 30 مايو 2008م الموافق 24 جمادى الأولى 1429هـ

قاسم:الحكومة تحاول تطبيق «الأسرة» تدريجيا وبعيدا عن الناس

انتقد الشيخ عيسى أحمد قاسم في خطبة الجمعة بجامع الإمام الصادق بالدراز الحكومة، متهما إيّاها بـ «محاولة علمنة أحكام الأسرة والإرث والوصية من أجل إرضاء الغرب وتلميع سمعتها الحقوقية وذلك بالتوقيع على ما يسمّى باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة وذلك من أجل اكتساب العضوية في مجلس حقوق الإنسان الذي يعطي الحكومة سمعة حقوقية متقدّمة وشهادة بأنها من أروع النماذج في رعاية حقوق الإنسان على الأرض «، مؤكّدا أنّ «ذلك يأتي في إطار إحلال التشريعات الغربية العلمانية محل التشريعات الإلهية المقدّسة، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة كما يسمّونها؛ ليعطوها صبغة إنسانية عادلة من باب الإعلام الكاذب».

يعتبرون حجاب المرأة تمييزا

وأضاف قاسم «وهم يعتبرون باب الإرث في الإسلام، وحق الطلاق والقوامة، وإذن الولي في الزواج، وحجاب المرأة، وحتى ستر مثل ساقيها وفخذيها وصدرها وتعدد الزوجات عند الرجل، ومنْع بعض صور الاختلاط، والسن الشرعي للزواج كلّه من التمييز ضد المرأة»، وأردف «واستجابة للشرط المذكور من ناحية عملية تكثر تحركات حكومة البحرين والمؤسسات التابعة لها والمحسوبة عليها ومع كل الذين لا يحملون همّ الدين ولا يمثل عندهم وزنا ومن يقيمون حياتهم العملية على خلاف أحكامه من أجل استصدار قانون الأحوال الشخصية»، كما نوّه إلى أنّ «ذلك يأتي ليضع الأحكام على طريق العلمنة الكاملة ضاربا بكتاب الله وسنة رسول الله (ص) عرض الحائط ومن أجل هذا الغرض نفسه بدأت خطوات عملية تطبيقية(...) كما في مثال التغييرات المستمرة في ورقة عقد الزواج، ومثال مشروع قانون الوصية توصلا إلى قانون الأحوال الشخصية ولو بصورة تدريجية بعيدا عن الضجة الشعبية»، وخاطب المصلينَ «وهذا الشعب المسلم والغيور على إسلامه هو المسئول الأوّل والمؤتمن على الإسلام في هذا البلد وحفظه ومقاومة التآمر عليه».

وقال قاسم إن «كلّ التزامات الحكومة المخالفة للإسلام لا تلزمه ولابدّ من مواجهة حملة تغريب القوانين حتى في الزاوية الصغيرة المتبقية من مساحة التشريع الواسعة وهي مساحة أحكام الأسرة وما يتصل بها بحزم وقوّة وإصرار وإلاّ لكان الجميع مشتركا في الجريمة»، وذكر أنّ «هذه المشكلة تتصل وكل المشكلات الأخرى الدينية والدنيوية من مشكلات ساحتنا في الخلل بولادة دستور وفي التلاعب في تطبيقه»، مُستدرِكا «وإلا فإسلامية الدولة وكون الشريعة الإسلامية الوحيد الذي نص في الدستور على أنه مصدر أساس يمنع من أيّ تغيير في أحكام الأسرة مع كون الإرث منصوصا على بقائه تابعا في حكمه للإسلام».

وأوضح قاسم أنّ «الغرب على مستوى حكوماته والمشتغلين بالسياسة والدين من أبنائه وكذلك منظريه إلاّ القليل منهم لا يستهدفوا ولا يؤمنوا بالحوار الحضاري مع العالم العربي والإسلامي وإنما يستهدف التغيير الحضاري لأمتنا وأن يصنعها جديدا من حيث الحضارة على ما نمط ما يعيشه من أوضاع تحكمه النظرة المادية أو المسيحية»، وبيّن أن «ما ينظم إلى هذا أن أكثر الحكومات في العالم العربي والإسلامي لا تمتلك علاقات طيبة مع شعوبها من جهتين الأولى كونها كيانات مفروضة على الشعوب في الأكثر»، وأضاف «والثانية جورها على الشعوب في الحكم من أبعاد مختلفة وضغطها المتزايد على هذه الشعوب أمنيا مدفوعة لذلك من سوء ظنها الناتج من سياستها العدائية للشعوب»، واعتبر أنّ «لهذا الواقع ولسيطرة الغرب وقوّته الباطشة وتمكين الأنظمة له في مصائرها ومصائر الشعوب تجد نفسها مضطرة دائما لاسترضاء الغرب إبقاء للكرسي واستمرار السيطرة والاستئثار بالثروة»، لافتا إلى أنّ «هذا الاسترضاء يأتي على حساب الشعوب ولقمتها ودين الأمّة وحضارتها وهويتها وعزتها وكرامتها، ويُمارس الغرب عملية الابتزاز للأمّة على مستوى المادة والمعنى وكذلك بصورة مباشرة(...) بوكالة الحكومات المحلية المؤتمرة لأمره، المنتهية بنهيه، المنفذة لأوامره والتي تضع إمكاناتها لتحقيق أهدافه ولو تحت الإكراه لأخذ ذلك شرط بقائه والسكوت وتمرير جميع انتهاكاتها».

وأكّد قاسم أنّ «كلا من عقيدة المسلمين وشريعتهم داخل في الاستهداف الغربي للأمّة فعلى مستوى العقيدة يُواصل الغرب بصورة مباشرة حملات التشويه والاستهجان لمركبات من وحدات العقيدة الإسلامية ورموز من رموز الإسلام كالحملات الشرسة ضد القرآن الكريم والسنة المطهرة والرسول الخاتم (ص)»، مشيرا إلى أنّ «الغرب يُمارس ضغطا هائلا على الحكومات في العالم العربي والإسلامي لفتح الأجواء وأبواب الحرية واسعة للكلمة الإلحادية والمهاجمة لعقيدة الإسلام عموما مع تقديم الحماية الإعلامية والسياسية وغيرها لأصحاب الأقلام المعادية للإسلام والدفاع عنها باسم حرية الكلمة»، وبين أنّ «الغرب يسعى لفرض مناهج دراسية مشبعة بمخالفة للأحكام الشرعية ومفاهيم وأحكام ومصطلحات معادية، بالإضافة إلى فرض سن قوانين متنكرة للشريعة خارجة عليها حتى وصل الأمر إلى دائرة أحكام الأسرة والميراث والوصايا مما تسعى الحكومات المحلية جاهدة لفصله عن الإسلام والتسريع مهما أمكن بتغريبه»، مختتما حديثه في هذا الموضوع قائلا أن «الغرب يربط بعض المكاسب السياسية أو الاقتصادية أو الوهمية للأنظمة ولو كانت على حساب الشعوب بالتوقيع على اتفاقات الدولية التي تكرّس تبعية هذه الأنظمة ومن ورائها لإملاءات الفكر العلماني الغربي ومصالحه».

اختطاف الأطفال يقضّ مضجع المواطنين

وانتقل قاسم في نهاية خطبته للحديث عن حوادث اختطاف الأطفال، مشيرا إلى أن «أحد المختطفين تم القبض عليه وتعرّفت الطفلة عليه ورغم حالات التنكّر المختلفة إلا إنها في كل مرة تتعرف فيها عليه، ومع ذلك فإنّ الصحافة تنقل عن الجهات الأمنية بأنها تطلب شهودا»، موضحا أنّ «مثل هذه الحوادث لا تقع بطبيعتها إلاّ بعيدا عن أعين الناس وفي حالة اختلاس، وكلّ هذه الحوادث ووضع اليد على الجاني إذا ثبت ذلك وما سبق ذلك من حادثتي اختطاف غيّبت طفل من سماهيج وسبقته وصبية من منطقة أخرى في البحرين، تضع الأمن والقانون والحمية بالحق في حالة امتحان»، وتساءل «إلى أيّ مدى تتجه التحريات لكشف الشبكة التي تقف وراء هذه التعديات الخطيرة؟، بغض النظر عمن يقف وراءها، وإلى أيّ درجة تصل الجدية الصدق والشفافية في التعامل مع هذه الظاهرة التي تهدم أمن المجتمع وتقضّ استقراره وتجعل حياته حرجة مأسوية؟(...) وإلى أيّ حد تصل نزاهة القانون والقائمين على تنفيذه في موارد تتطلب أقصى العقوبات المنصوص عليها لأصحاب هذه الجرائم الفتّاكة التي تسلب النوم من أجفان عيون المواطنين؟، وإلى أيّ حد سيكون القضاء قادرا على البرهنة على العدالة واستيفاء حق المظلوم، وهل سيترك الناس حراسة مناطقهم؟، والتنبه للعناصر المفسدة؛ ليترك لها حرية نشر الفساد والتعدّي على الأعراض والدماء وترويع الآمنين»، واختتم قائلا: « نحن نعرف أنّ أي جريمة خطف تتم جريمتها بنجاح إنما تعني استرقاق الفريسة واستخدامها لممارسات غير أخلاقية أو بيعها على حياة أو بيع أعضاء المختطف مفرقة وبالجملة وهي نتائج تجعل النتائج على أهل الضحية أصعب من فاجعة الموت المر».

العدد 2094 - الجمعة 30 مايو 2008م الموافق 24 جمادى الأولى 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً