«المغنى ماله معنى» هذا ما قالته الفنانة فلة الجزائرية في مقطع من أغنيتها «أهل المغنى» وبهذه العبارة تختصر حال ما وصلت إليه معظم الأغاني العربية في السنوات الأخيرة على رغم عدم لياقة أن تطلق كلمة غناء على زعيق من يسمون أنفسهم فنانين.

كلمات بلا معنى، راقصات، لحن يصم الآذان، تعرٍ، حركات إغراء مع الكثير من الجرأة واللامبالاة... هذه هي أدوات الكليب العصري ويكفي أن يمتلكها شخص ما ليزيد قنوات الأغاني غنى بأجساد تتلوَّى وكلمات سقط منها الذوق.

ربما تستطيع خلال فترة وجودك في البيت أن تحجب تلك القنوات عن أولادك ولكنك لا تستطيع أن تحجبها على طول!.. فربما ترى ابنتك زميلة لها في المدرسة حتى الروضة ترتدي من الملابس ما يجعلها شبيهة بماريا أو هيفا أو دومينيك أو دانا، بل تقلدها في حركاتها.

المصيبة الكبرى أنك عندما تجامل إحدى الأمهات وتقولها: ابنتك طالعة حلوة اليوم. ترد عليك كأنها تنتظر هذا السؤال بفرحة كبيرة: أيه... والله تعرفيني مريوم مثل هذي الأجيال إلي يسمونهم جيل المستقبل ما تحب إلا تسوي مثل ماريا وتلبس نفس إثيابها... لا وتدرين إنها ما تخلي صورة لها في المجلات إلا وتلصق في غرفتها، ولا تنام إلا وهي تغني العب العب.

يا طيب التربية... ويا طيب القدوة... وفرحانه؟ هذا مو جيل المستقبل هذا «جيل المستخبل».

فلتسمعي هذه الرواية التي قالتها ماريا في إحدى المقابلات الصحافية معها، عندما سألت عن تقليد الصغار قبل الكبار لها فقالت (هذا نص مقابلة نشرناها في «الوسط» في صفحة ليوان يوم الثلثاء الماضي الموافق 27 مايو/ أيار الجاري): «أكيد وقد حدث موقف غريب بعد ما قدمت كليب (العب) وبعد ما شاهدني الجمهور كبارا وصغارا قلدتني بنت صغيرة وغافلت أمها وملأت البانيو باللبن والسكر والكورن فليكس وظلت تعوم في البانيو وهي تغنى العب العب وبعد دقيقتين سكتت فدخلت عليها والدتها فوجدتها تغرق في الكورن فليكس واللبن واستضافوني في أحد البرامج مع البنت وأمها. (ربما تعتقدين أنهم استضافوها ليعلموها أن كليباتها قد سممت عقول الكثير من الأطفال ولكنك تفاجأ بردة فعلها في السؤال الذي يليه). وماذا كان شعورك وقتها؟ فأجابت ماريا: «بكيت لأنني لم أكن أعرف أن ما أقدمه سيؤثر في الناس بهذا الشكل وفرحت أكثر حينما وجدت جمهوري من الأطفال يحبني قبل الكبار». (ويش فايدة دموعها لو ماتت البنت من هذي اللعبه).