أجلس الآن في مكتبة (...) العامة، وهي المكتبة التي كنت أحد روادها أيام الدراسة، لم أرَ شيئا مختلفا عمّا كنت أراه، أو أني حفظته من أيام الصبا في هذه المكتبه! غالبية رواد المكتبة من قراء الصحف اليومية التي توفرها المكتبة، ولو انقطعت هذه الصحف لأنقطعوا هم ايضا. ولو أنك جلست عصرية واحدة فلن تجد أحدا يتصفح كتابا هنا أو مرجعا هناك وهذه هي السمة السائدة، الأغلفة هي هي... لم تتغير، بل ما زادها فعل الزمن إلا تشققا لا أكثر ولا أقل.
الكراسي، الطاولات، هي التي كنا نجلس عليها لم تتغير إلا قليلا! الجديد الذي أراه هو ذاك الجهاز الكمبيوتري البعيد على طاولة الموظف ولا أعلم أيعمل أم هو للزينة! ديكور المكتبة تغير إشووووي... فبدل ما كانت الأرفف بشكل عرضي أصبحت بشكل أفقي... وبس!
المكتبة تقوم بدور تقليدي جدا جدا رغم وجودها في وسط الأحياء السكنية، والوصول إليها لا يحتاج إلى عنوة ومشقة؛ لتوافر جو البحوث وبطريقته المختلفة التي تتعامل بها المدرسة من قص ولصق وكفى. فهي لا توفر جوا ثقافيا، أو أن تكون إحدى الفعاليات الثقافية التي إذا أردت أن تستزيد علما أو أنك اشتقت إلى القراءة بمعناها الصحيح أن تتجه إليها.
أرى إعلانات جميلة جدا تدعونا للقراءة والتصفح والاختيار والبحث عن الكتب إلكترونيا على بوابة هذه المكتبة... وعندما أدخل تنتابني الصدمة التي تصعقني من هول ما أراه من تخلف إلكتروني لا يوفر أبجديات جو القراءة الصحيحة! على مستوى موسيقى كلاسيكية مثلا أو أجهزة بحث وإنترنت دخيل بالله، غير الهدوء المطبق الموجود لعدم وجود أحد أصلا!
ألا يمكن لوزارة التربية أن تفعّل هذه المكتبات التي عفا عليها الزمن، عبر إقحامها في الفعاليات الثقافية واستغلال صالاتها أو قاعاتها مثلا في ندوة هنا أو محاضرة هناك، أو على الأقل توفير أجهزة كمبيوتر تشجع الطلبة على زيارة المكتبات مع وجود المغريات الكثيرة في الخارج.
فما أعتقده إلى الآن أنه اذا استمر حال مكتباتنا العامة على ما هو عليه فإنها ستتحول من مشاريع مكتبات عامة إلى متاحف مكتبات عامة!
العدد 2094 - الجمعة 30 مايو 2008م الموافق 24 جمادى الأولى 1429هـ