خلال أقل من عام واحد تضاعف سعر برميل النفط إلى 135 دولارا، وربما يصعد السعر إلى 200 دولار مع العام المقبل بحسب بعض التوقعات. أسباب ارتفاع سعر النفط متعددة، والاقتصاديون مختلفون في الآراء، فالعالم حاليا يحتاج إلى 87 مليون برميل يوميا، ومعدل الإنتاج اليومي 89 مليون برميل، ومعنى ذلك أن السوق يجب أن تهدأ والأسعار يجب أن تنزل. ولكن المعادلة الاقتصادية لم تعد تتحرك كما هو متعارف عليها، وذلك ربما يتعلق بتعقيدات متداخلة.
وعندما زار الرئيس الأميركي جورج بوش السعودية خلال الشهر الجاري طلب من المسئولين السعوديين زيادة الضخ النفطي، وكان الجواب أن ما هو متوافر في السوق أكثر مما هو مطلوب، ومع ذلك استجابت السعودية وضخت 300 ألف برميل يوميا أكثر من المعدل. غير أن السعر لم يتأثر ولم يهدأ عن صعوده.
البعض يطرح أن انخفاض سعر الصرف للدولار أمام العملات الصعبة لعب دورا مباشرا في زيادة السعر، وأيضا ساهم في انتشار ظاهرة الغلاء على مستوى العالم بعد أن كان الاقتصاديون قد بشروا بانتهاء الغلاء بالشكل الذي نشاهده حاليا. البعض يربط ما يجري أيضا بأزمة القروض العقارية في أميركا.
غير أن البعض يقول إن السبب يعود إلى المتعاملين في البورصة وهم الذين يطرحون توقعات «غير عقلانية» حول الاتجاهات المستقبلية لحركة العرض والطلب... ولربما أن هذا السبب صحيح لأن المتعاملين في البورصة ينظرون إلى المستقبل لتحديد أسعار اليوم. فالنفط يستخدم أكثره لتحريك السيارات (70 في المئة من النفط ينتهي إلى هذا الاستخدام)، وحاليا فإن كلا من الصين والهند تصعدان كقوتين كبريين على المستوى الدولي.
ولو أخذنا الصين لوحدها، والتي لديها مليار وثلث المليار نسمة فإن القصة تتوضح أكثر. فحاليا كل ألف صيني لديهم عشرون سيارة، في مقابل 950 سيارة لكل ألف أميركي، والصينيون يزدادون ثراء خلال هذه الفترة، وسيصعد عدد الذين يحتاجون إلى السيارات بما يوازي ازدياد الثروة... وهذا يعني أن النفط في المستقبل القريب (أقل من عشر سنوات) لن يكفي الطلب المتزايد من الصين التي بدأت تستبدل أميركا في تحديد كميات الإنتاج والاستهلاك في كل شيء يحتاجه الإنسان.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 2092 - الأربعاء 28 مايو 2008م الموافق 22 جمادى الأولى 1429هـ