نطمح إلى الصادق من الكلمة ... إلى الكلمة التي ترفع العبء ولا تترك أثرا لضعينة أو تحامل... كلمة تعلي من شأن الإنسان قبل أن ترفع من شأن النص ... كلمة تترك الحب مشاعا كما الهواء الذي لا يجد حريته في الغرف المغلقة والصالات ... بل هناك في الأفق المفتوح على الحياة والحرية والناس... كل الناس... كلمة بسعة القلوب المترعة بما يجعل الحياة قابلة للاستمرار ... كلمة «أصلها ثابت وفرعها في السماء».
***
نتبرأ من كلمة تهدف فيما تهدف، إلى إرجاع الناس إلى جاهلية مقيتة ... جاهلية وإن بدت في الذروة من العصرنة ... في ظل مقومات لم يصنعها فراغ ولم تهبط من مكان مجهول ... بل صنعها الإنسان الذي هو القيمة الكبرى المضافة إلى قيمة هذا العالم ومعناه ... بل هو معناه الأكبر والعميق ... وجاءت - أي الكلمة - محصلة انتباه ووعي كفلهما الإنسان فراح يرصد من خلالها حركته وحركة العالم وما يحيط به من بشر وكل ما يحيط بأولئك البشر من تحولات وانعطافات ... لكنه يبقى الشاهد الجدير على كل ذلك ... ليس فقط لأنه شاهد على نفسه ... بل لأنه شاهد وشهيد على ما سخّر له لتيسير حركته في تلك الحياة.
***
طوبى لمن دلّته الكلمة على مساحات تترك أثرها البيّن في عمارة الحياة، وعلى مختلف المستويات والصعد...طوبى لمن ظل ولايزال ينشد طمأنينة الآخرين وسلامهم وإن ظلله الوجل وأحيط به ...وجلٌ مصدره القلق على أداء الأمانة على أكمل وجه وفي أفضل صورة... طوبى لأولئك الذين ينثرون المصابيح وإن حاصرتهم الظلمة ... طوبى للساهرين على رفاهية الناس وإن حوصروا بالفاقة ... طوبى للّحوحين على مثول البياض في كون من العتمة ... طوبى للمترعين بالحب والسخاء وشئ من الطفولة الغابرة ...طوبى للمترفين بـ «الطِيبة « والبراءة والعذوبة التي لا تملك ازاءها الا أن تنحني بإكبار لأصحابها النادرين في دنيا الناس.
العدد 2092 - الأربعاء 28 مايو 2008م الموافق 22 جمادى الأولى 1429هـ