العدد 2091 - الثلثاء 27 مايو 2008م الموافق 21 جمادى الأولى 1429هـ

من الموازنة إلى الدفان

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

إذا... الفائض في الموازنة للعام الماضي 42 مليون دينار فقط... لا غير؟

الناس بصراحةٍ لن تصدِّق هذا الرقم، حتى لو تم الحلف على نسخةٍ من القرآن الكريم. فأسعار النفط تضاعفت خلال العام الماضي بأكثر من الضعفين، فلا يعقل أن تظل الحسبة بالسعر القديم.

الآن... الباقي على النواب، وما عرفناه أن «الوفاق» قرَّرت فعلا «أن تتابع الأرقام غير المنطقية التي طرحتها الحكومة»، بحسب قول أحد نوابها، وهو ليس فخرا لـ «الوفاق» وإنما واجب ومسئولية، وعلى بقية الكتل أن تشارك في هذه المهمة الوطنية، التزاما بدورها الرقابي، وتحملا لمسئوليتها في حفظ المال العام. وبصراحة، لم يعد مقبولا أن يستمر النواب في تراشقاتهم وهوشاتهم، بينما يضيع المال العام في الثقوب السوداء، وهم غدا مسئولون أمام الله عن أي تقصير في حفظ أموال الناس.

الصحافة لا تمتلك غير تناول الموضوع، وهي مكشوفة الظهر، بينما يتمتع النواب بحصانة قانونية، تمكنهم من المساءلة والمتابعة والتدقيق على الأرقام الرسمية، وهذا هو واجبهم في هذا الظرف، وخصوصا أن الأرقام التي بين أيديهم قد لا تتوفر للآخرين، رغم ما يقولونه من عدم تعاون الحكومة في توفير المعلومات، وإذا تكرمت عليهم فبنتفٍ من المعلومات التي لا تسمن من جوع.

إلى جانب الموازنة، هناك الأراضي، التي أصبحت فاكهة المجالس والدواوين والمنتديات والندوات، فالمواطن يرى بعينيه هذه المشاريع الضخمة القائمة على أنقاض السواحل، وتدمير البيئة البحرية. ونظرا إلى أهمية الموضوع شكل البرلمان لجنتي تحقيق تتعلقان بـ «أملاك الدولة»، و «دفن السواحل». وفي آخر الندوات التي شهدها مجلس الدوي بالمحرق، تحدث النائبان إبراهيم بوصندل وجاسم حسين، عن «دور المجلسين في حماية سواحل البحرين».

النائب بوصندل اعترف بعدم وجود أي تعاون يذكر من جانب الوزارات المعنية (البلديات، المالية، العدل)، وشخَّص الخلل بوجود أراضٍ موهوبة بشكل خاطئ، وتجاوزات هائلة في الدفان البحري، بحيث لم تعد هناك بقية أراضٍ للمواطنين الذين يعيشون في بيوت آيلة للسقوط، بسبب سياسات وزارة الإسكان في السنوات الثلاثين الماضية، محذرا من أزمات كبيرة سيخلقها هذا الملف.

النائب جاسم حسين، مع تفهمه لاستقطاب المشاريع الاستثمارية الكبرى التي تتنافس عليها دول الخليج، فإنه اعتبر ما يجري «فوق طاقة البحرين ومخزونها من الأراضي». وأرجع تفاقم أزمة الأراضي إلى غياب البرلمان طوال 30 عاما، وتوقع أن يستغرق حلها وقتا قد يصل إلى ستة عشر عاما... تكون خلالها الطيور قد طارت بأرزاقها ولم تخلف وراءها إلا الريش!

الأخ غازي المرباطي، الذي جمعني به حبُّ البحرين، والصحبة خلال جولاتنا البحرية الصيف الماضي، تحدث عن «تحول بعض الجزر إلى ملك لأفراد تحت غطاء الشركات العقارية الخاصة»، وما تكبدته موازنة الدولة من ملايين لدفن مناطق شاسعة لم تُستخدم قَطعا في أية مشاريع إسكانية أو خدمية يستفيد منها المواطن.

ما يجري خللٌ كبيرٌ في دولة المؤسسات، وما تقوم به الصحافة والجمعيات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني تذكيرٌ و «إعادة طرحٍ» للمشكلة، ومهما قيل من ضعف النتيجة فإن ذلك لا يعفي النواب من مسئوليتهم، فالناس انتخبوهم لهذا الدور وليس للانشغال بـ «الهواش» وتأجيج الفتنة الطائفية والمهاترات.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2091 - الثلثاء 27 مايو 2008م الموافق 21 جمادى الأولى 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً