عقدت «لجنة التعاون الصناعي»، الممثلة بوزراء الصناعة في دول مجلس التعاون الخليجي أمس، اجتماعها الـ 27 في العاصمة القطرية، الدوحة. وأوضح الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، عبدالرحمن بن حمد العطية، أن الوزراء سيناقشون عددا من الموضوعات الهادفة إلى تعزيز التعاون الصناعي بين هذه الدول، منها اقتراح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز بشأن إزالة العقبات التي تعترض مسيرة العمل المشترك، ومذكرة بشأن الحماية الجمركية وتوصيات اجتماع لجنة تولت إعادة مناقشة صيغة النموذج الموحّد لترخيص إقامة المشروع الصناعي في دول الخليج.
وأضاف أن الاجتماع سينظر في توصيات الهيئة الاستشارية في شأن تعزيز بيئة العمل للقطاع الخاص، ما يضمن معاملة الشركات الاستثمارية في دول المجلس أسوة بالشركات الاستثمارية الوطنية، والنظر في اقتراح اتحاد غرف دول مجلس التعاون إسناد مهمة عقد مؤتمرات رجال الأعمال الخليجيين ونظرائهم للغرف التجارية والصناعية في الدول الأعضاء، ومذكّرة بشأن مشروع قواعد المنشأ والتوصيات المنبثقة عن مؤتمر الصناعيين الـ11 لدول الخليج، ونتائج اجتماع فريق عمل لجان الصناعة في غرف دول مجلس التعاون الخليجي.
يتوقف المواطن الخليجي عند هذه العبارة: «معاملة الشركات الاستثمارية في دول المجلس أسوة بالشركات الاستثمارية الوطنية» التي لاكتها ألسن وزراء الصناعة والتجارة الخليجيين على امتداد ما يربو على ربع قرن، من دون أي تحيز أو تعصب، فإنه بإستثناء مملكة البحرين التي التزمت بهذه المقولة، ما يزال الخليجيون، ومن بينهم البحرينيون، يعانون من جور قوانين تأسيس الشركات في بلدان غير بلدانهم، وقد أدى ذلك إلى دفع الكثير منهم إلى تحمل أكلاف باهضة يرافقها في كثير من الأحيان اللجوء إلى الطرق الملتوية، على رغم أن الأمر في غاية البساطة، ولا يحتاج إلى أكثر من تنفيذ قرار سبق وأن اتخذ.
لقد ترك ذلك سلبيات كثيرة على الاقتصاد الإقليمي الخليجي، الأمر الذي أعاق الكثير من مشروعات وخطط التنمية الخليجية على الصعيدين الإقليمي والوطني.
بوسعنا أن نستعرض الكثير من قضايا العمل الخليجي المشترك التي ما تزال بحاجة إلى التوقف عندها. تكفي الإشارة هنا إلى خطط «الأمن الخليجي المشترك» التي لم يطبق منها حتى الآن أكثر من تبادل أسماء المعارضة الوطنية من أجل ضمان عدم انتقال عناصرها بين عواصم مجلس التعاون. لكن، وطالما محور حديثنا الجوانب التجارية والصناعية، يمكن الإشارة إلى بعض القضايا في ذينك المجالين.
هناك موضوع «الحماية الوطنية المفروضة على الصناعة الخليجية» وهي إلى جانب كونها من أساسيات تطوير الصناعة على المستوى الإقليمي أو حتى الوطني، فهي ركيزة أساسية من ركائز متطلبات الاتحاد الجمركي، الذي في غياب إطار تلك «الحماية» يفقد القدرة على التأسيس له. بعد ذلك هناك «اللائحة التنفيذية للتنظيم الصناعي في دول المجلس، والصيغ المقترحة للنموذج الموحد لترخيص إقامة المشروع الصناعي في دول الأعضاء»، وهي قضية معقدة تحتاج إلى بناء جداول متطورة لتحديد المواصفات والمقاييس للعمل الصناعي المشترك، وفي غيابها أيضا يفقد الحديث عن عمل صناعي إقليمي مشترك أبسط مقوماته، وربما مبررت الإشارة عنه.
ولايملك المواطن إلا أن يتساءل ماهي الأسباب الكامنة وراء تعثر إقرار مثل تلك الأساسيات التي يحتاجها العمل الخليجي المشترك؟ ومن حقه أن يطالب بإجابات محددة بشأن تلكؤ ذلك العمل، على رغم توافر كل مقومات النجاح التي لانرى ضرورة إعادة سردها.
الاستنتاج الوحيد الذي يجده المواطن ماثلا أمامه هو أن كل النتائج التي وصلنا إليها مصدرها الأساسي عنصر واحد هو «ذهنية القائمين على العمل الخليجي المشترك» هذه الذهنية التي ماتزال أسيرة العقلية القبلية التي تتناقض مع أسس ومرتكزات العمل المشترك الذي يمكن أن يتجاوز حدود القبيلة ومصالحها الضيقة. وتصبح المسافات التي يحق للعمل الخليجي المشترك أن يخطوها أسيرة بالمصالح القبلية وليس الإقليمية.
هذه الذهنية القبلية بقدر ما تفسر تلكؤ التعاون الخليجي المشترك في القطاعين الصناعي والتجاري، فهي في الوقت ذاته تشرح نجاح مشروعات خليجية مشتركة أخرى، ليس من بينها الصناعة والتجارة، بل هي تلك التي يستحوذ عليها الطابع الاستعراضي أو الإحتفالي التي ترضي الغرور القبلي وتخاطب الذهنية القبلية الباحثة عن قنوات جديدة تحسن من معالم صورتها وتخفي سمات القبح منها.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2091 - الثلثاء 27 مايو 2008م الموافق 21 جمادى الأولى 1429هـ