العدد 2091 - الثلثاء 27 مايو 2008م الموافق 21 جمادى الأولى 1429هـ

لا تزر وازرة

عادل مرزوق Adel.Marzooq [at] alwasatnews.com

-

نعلم أن السياسات الحكومية ولفترة طويلة كانت قد خلقت داخل البحرين مشكلات اجتماعية متعددة، وأكثر ما تسبب في زيادة هذه الإشكاليات هي العمالة الرخيصة في البحرين. وقبالة هذه المشكلات والإشكاليات المجتمعية تولدت لدينا في كثير من المواقف مشكلة اجتماعية أكثر خطورة بين البحرينيين أنفسهم، وهي تنامي الروح العنصرية تجاه هذه العمالة ككل.

تداعيات حادثة القتل الأخيرة في مدينة حمد أتت كما كان المراقبون يتوقعون، تمثلت في البدء بالدعوة لتسفير العمالة البنغالية من البحرين وبدأت بالفعل عبر توجيهات وزير الداخلية الأخيرة بإيقاف منح أية تأشيرات جديدة.

وفي هذا السياق تحديدا، فإن البحرين التي تريد أن تكون نموذجا لضمان حقوق الإنسان لابد أن تدرك أن لهذا البعد الحقوقي الأصيل ضرورات واشتراطات لابد من القبول بها كلها، فحقوق الإنسان لا تُقسم أو تفصل بمقياس. ولا يمكننا أن نفهم إذعان الحكومة للمطالبات الأخيرة باستهداف العمالة البنغالية في البحرين إلا باعتباره اتجاها عنصريا يتم تحت إشراف الدولة ورعايتها وهو أمر مرفوض لا تقره القوانين والأعراف الدولية ولا تقبل به أي من تلك المواثيق والمعاهدات التي وقعتها البحرين وتعهدت الالتزام بها.

إن للحرية ولحقوق الإنسان وفق ما وصلت له الشرعية الدولية، ضريبة لابد أن يدفعها كل مجتمع مهما كانت حدود ومكونات ثقافته، ولا مجال هنا للتمترس الفارغ بالخصوصيات الثقافية والتاريخية أو حتى بالخصوصية الجغرافية على مستوى الدولة، فحقوق الإنسان حق أصبح أكبر من حدود الدول وجغرافياتها السياسية أو مكوناتها الثقافية.

ليس لأحد الحق في تحميل العمالة البنغالية بأكملها مسئولية حادث الاعتداء الذي قام به أحد أفرادها، والذي هو الآن تحت يد القضاء الذي لابد من احترامه، أما العقوبة التي سيخرج بها القضاء فهي الجزاء العادل الذي ينهي القضية ويغلق ملفها.

إن استمرار الدولة وبعض الجمعيات السياسية في الدعوة لإقرار عقوبات جماعية على الجالية البنغالية هو إجراء عنصري لابد ألا تنزلق البحرين فيه، وهو خرق للمواثيق والمعاهدات الدولية التي أكدت البحرين التزامها بها. وهو أيضا، تعزيز لثقافة «العنصرية» و «الدونية» لدى أبناء البحرين تجاه هذه الجاليات الأجنبية التي لم تدخل البحرين رغما عن حكومتها أو أهلها بل دخلت من القنوات القانونية، وحين يريد أحد ما أن يناقش أو يسأل في تأثير هذه الجاليات على الحياة الاجتماعية أو حتى فيما يتعلق بالملف الأمني فإن عليه مسآلة أنظمة الدولة وقوانينها، أما أن نُشرع جميعا لثقافة العنصرية ضد عرق من الأعراق أو أصل من الأصول أو جنسية من الجنسيات معتمدين على هرطقات البعض، فهو ما يجب ألا نتورط فيه.

إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"

العدد 2091 - الثلثاء 27 مايو 2008م الموافق 21 جمادى الأولى 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً