العدد 2089 - الأحد 25 مايو 2008م الموافق 19 جمادى الأولى 1429هـ

القطريون... مرة أخرى

عادل مرزوق Adel.Marzooq [at] alwasatnews.com

-

مرة أخرى تتبوأ هذه الدولة الصغيرة قطر مقاما جديدا في الحاضنة السياسية العربية، مرة أخرى ينجح القطريون فيما فشل فيه الآخرون. قطر التي تبدلت قيادتها/ ملامحها/ أفكارها/ أهدافها/ تطلعاتها لاتزال تنعم في وتيرة متسارعة من النجاحات السياسية والاقتصادية التي باتت تزيد من حضورها في المستويين العربي والدولي. وهو في المحصلة ما يصب في ظهور دور جديد لدول الخليج في الحفاظ على السلام في هذه المنطقة المشتعلة، وهو أيضا ما يؤكد أن النهوض القطري ليس مجرد مصادفة عابرة خلقتها طفرة النفط بقدر ما هي نتيجة طبيعية لخطوات مدروسة بعناية، تهدف لصناعة بلد جديد قوي ومؤثر يمتلك الإمكانيات المادية والعقول البشرية التي تستطيع أن توظف كنوز الأرض بحكمة وعقل.

القطريون الذين كسروا الكثير من القوالب الجامدة في الدبلوماسية العربية نالوا من النقد الكثير، لكنهم لم يتراجعوا عن استكمال ما بدأوا فيه، وعلى رغم الضريبة التي كانوا ولايزالون يدفعونها والتي كانت قاسية في أكثر من مرة، فإن هذا البلد الصغير، استطاع أن يصنع ما عجزت عنه دبلوماسيات أخرى كانت لا تريد للبنان إلا أن يحترق بالحديد والنار. استطاع القطريون أن يتجاوزا عقليات التآمر والتخوين إلى عقليات التسوية والتصالح لأبناء الوطن الواحد وهو ما جعلهم في النهاية يكسرون كل التوقعات التي كانت تؤكد فشل حوار الدوحة.

وسواء صمد اللبنانيون تحت بنود هذه الوثيقة والتزموا بها أو تخاذلوا، فإن ذلك في جميع الأحوال لا يغير من حقيقة أن الدور القطري الجديد في احتواء أزماتنا العربية أصبح موضع رهان يستحق التقدير والإشادة. فالقطريون أصحاب الخطوط الممدودة للجميع أثبتوا علو كعب دبلوماسيتهم السياسية وحنكتهم وقدرتهم على صناعة التساويات الصعبة والمستحيلة.

سأميل إلى اعتبار قبول المعارضة بالتسوية القطرية انتصارا بكل المقاييس، وخصوصا أن هذه المعارضة فوتت على بعض القوى الإقليمية والدولية الفرصة في إيصالها لحركة عنف مسلح لتوسم بعد ذلك بالتنظيمات الإرهابية، فكان ما قد يعتقد أنه تنازل انتصارا حقيقيا يحسب لحزب الله وللمعارضة أجمع.

إن ما عصف بلبنان خلال السنتين الماضيتين لم يكن إلا مشهدا من مسرحية كبيرة أرادت القوى الإقليمية للبنان أن تكون مسرحا لها. وسواء أكانت هذه القوى هي إيران أو «إسرائيل» أو السعودية أو مصر أو حتى الولايات المتحدة الأميركية فإن ما حدث في الدوحة كان تجميدا شجاعا لهذا المخطط الذي كان سينتهي بالمزيد من الدماء اللبنانية المراقة من دون أن يكون لأي طرف من الأطراف الانتصار الذي كان يبحث عنه.

إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"

العدد 2089 - الأحد 25 مايو 2008م الموافق 19 جمادى الأولى 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً