في المقال السابق الذي جاء بعنوان «العاطلون ولعبة التعطل» تطرقنا إلى مشروع التأمين ضد التعطل، ووجهة نظر العاطلين والمستفيدين منه، هنا سنتحدث بشكل معاكس لنوضح الصورة بشكلها الكامل.
العاطلون في البحرين الذين يفوق عددهم المعتمد لدى وزارة العمل حتى الآن 6162 عاطلا يستحقون التأمين ضد التعطل، فيما أسقط حق نحو 8 آلاف لعدم استيفائهم الشروط والمعايير القانونية التي نص عليها القانون.
سؤال مشروع طرحه وزير العمل مجيد العلوي خلال لقاء مع عدد من الصحافيين في افتتاح المعرض الرابع للتوظيف بالدراز وهو: «ما الشيء الأفضل للعاطلين: وظيفة بأجر لا يقل عن 230 دينارا، أو تأمين ضد التعطل لمدة ستة أشهر بـ 120 دينارا؟».
الجواب طبعا 230 دينارا أفضل، ومن سيجيب على هذا السؤال هو العاطل الجاد والباحث عن العمل الذي يستيقظ من الصباح الباكر كأي عامل سعيا وراء لقمة العيش، وبحثا عن فرصة عمل تؤمن له الحياة الكريمة، حتى لو لم تقدم له وزارة العمل أي شاغر يناسب مؤهله.
ولكن هناك من سيجيب بأن الـ 120 أفضل من الـ 230 دينارا، وهم الراغبون في النوم كثيرا، أو من لا يريدون العمل إلا في القطاع العام، بالإضافة إلى الشريحة الأكبر التي هي في الأصل لا تريد العمل وإنما سجلت في المشروع للاستفادة من نقاط الضعف في القانون التي تتيح لكل من يقل عمره عن سن التقاعد حق الاستفادة من التأمين، وبالتالي فإن ربات البيوت اللاتي لا يرغبن بالأصل بالعمل سجلن من أجل الاستفادة قدر الإمكان من تأمين التعطل شهرا، شهرين، 3 أشهر «خير ونعمة»، ومن هنا فإن مشروع التأمين ضد التعطل أصبح لعبة لدى بعض العاطلين للاستفادة والمقامرة قدر الإمكان. وبالتالي فإن رقم من لا يعملون في البحرين يفوق العدد الذي تتمسك به وزارة العمل وهو (6162 عاطلا)، إلا أن العاطلين بحق هم من يبحثون عن عمل ويرغبون فيه ويسعون له، وبالتالي فإن هذا التعريف ينسف ذلك العدد إلى أقل من ذلك بكثير.
نسأل العاطلين: ماذا يضرّكم وأنتم من يقول إنكم جادون في البحث عن عمل من الذهاب وبشكل يومي إلى وزارة العمل والبحث عن وظائف، وزيارة الشركات والمؤسسات للاطلاع على شواغرها، فهل وزارة العمل معنية بالقيام بذلك عنكم وأنتم المحتاجون لا هم؟
خلال معرض الوظائف التقيت عددا من العاطلين الذين جاءوا لتسجيل مواقف وحضور فقط، وليس للبحث الحقيقي عن وظيفة، إذ لم يكلفوا أنفسهم حتى النظر في شواغر الشركات التي فاقت الثمانية آلاف وظيفة، فيما حكم بعضهم على المعرض بالفشل لأنه يريد ذلك فقط، ومنهم من تعالى على نفسه بالقول «لا يوجد ما يناسبنا»، وجامعيون لا يبحثون إلا عن وظيفة في الحكومة، وكأن وظيفة الحكومة نهاية لكل مشكلاتهم.
راقبت المعرض فلم أجد من العاطلين من يكلف نفسه عناء الحديث مع الوزير الذي كان يجوب المعرض طولا وعرضا، ويقف مع كل شخص لإطلاعه على ما يعترضه من إشكالات وصعوبات في البحث عن وظائف.
صدقوني طيلة متابعاتي لمعارض التوظيف واللقاءات التي عقدها الوزير مع العاطلين في مختلف مناطق البحرين لم يرد طلب أي عاطل، وكان يتحدث مع الجميع ويخلق الوظائف لكل من يريد العمل، سوى أولئك الذين يصرّون على العمل في الحكومة.
عدد من لا يعملون في البحرين كبير جدا، ولكن الباحثين عن العمل قليلون جدا وهو أقل من الأرقام التي تعرضها وزارة العمل التي لم تتشدد في تطبيق القانون بعد. كما أن الوزارة غير ملزمة بالبحث عن وظائف لمن لا يريد أن يعمل، وهي غير ملزمة أيضا بإعطائه تأمين تعطل لا يستحقه، ولا يكفي القول إن هذا حق، فلكل فرد في هذا المجتمع حقوق، ولكن عليه سلسلة من الواجبات التي يجب ألا ينساها ومنها إثبات «الجدية».
إقرأ أيضا لـ "هاني الفردان"العدد 2087 - الجمعة 23 مايو 2008م الموافق 17 جمادى الأولى 1429هـ