العدد 2087 - الجمعة 23 مايو 2008م الموافق 17 جمادى الأولى 1429هـ

متشائلون

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

لايزال الإصرار موجودا على رغم النتائج المحبطة، ولايزال الأمل يعيش في نفوس البعض طالما توافرت الفرص، على رغم أن الأجواء الإعلامية والواقعية لم تبشر بخير أبدا فإن العدد، ظل ثابتا لم يتأثر مع تأثر القناعات ومع وجود المثبطات، ففي انتخابات مجلس الأمة للعام 2006 ترشحن للانتخابات 27 مرشحة، ولم تفز منهن أحد، وفي الانتخابات الأخيرة 2008 أيضا تكرر العدد نفسه 27 مرشحة، وهناك بعض المترشحات أصررن على مواصلة النضال وتكرار المحاولة وخصوصا أن بعضهن كن في مواقع جيدة وقريبة من تحقيق الفوز، وهذا ينطبق على كل من رولا دشتي وفاطمة العبدلي، فكما عاهدن أنفسهن بتكرار المحاولة تكررت نتيجتهن، حظوظ جيدة وأصوات مشرفة بلا مقعد في البرلمان ومقعد في قلوب مؤيدهن.

العدد يتكرر والحظ العاثر أيضاَ يتكرر ولاتزال التجربة لا تبشر بحظ وافر لمشاركة المرأة في العمل السياسي أو في مواقع صنع القرار السياسي، مع وجود التعصبات القبلية والدينية، بعض المترشحات أحرزن أصواتا كبيرة جدا فاقت ما حصل عليه المترشحون الرجال بكثير، إلا أن كمية الأصوات لم تشفع لهن بالفوز وإحراز المقعد النيابي، هذا ما كان من المتوقع حدوثه قبل بدء العملية الانتخابية نفسها.

واقع المرأة الكويتية لا يختلف كثيرا عن واقع المرأة البحرينية، وأظن أن مواصلة أن تفرض المرأة نفسها بما تملكه من قدرات وإمكانيات لن تكون العصا السحرية لتغيير وضعها وموقعها الاجتماعي، فهي بحاجة حتما إلى تدابير رسمية، والتدابير الرسمية اليوم تنظر إلى كل متعلقات المرحلة وخصوصيات التدخل الإيجابي بأنه تمييز سلبي سافر، يتعارض مع النصوص الدستورية والكلام الذي يؤخر لا يقدم خطوة واحدة إلى الأمام.

ستظل المرأة طويلا على الهامش تشارك وتجرب حظها ولكن النتيجة أن لا قناعة بزج المرأة في معترك الحياة السياسية طالما توفر البديل المقنع الرجل، الذي يستطيع ربما أكبر من المرأة أن يعطي من وقته ومن جهده، وفي ظل وجود قناعة أكبر بأن المكان اللائق للمرأة هو بيتها.

حتى مع تغير النظام الانتخابي، بعد مطالبات واسعة «نبيها خمسة»، الخمس دوائر تحققت وتحقق النصر والظفر للمرأة ولم تغير من مواقعها في الدوائر الخمس، إلا اللهم أن فرصتها اليوم في حصد الأصوات أصبحت بشكل أفضل، ولكن عيون العالم اليوم تتجه إلى النتائج، وأن الأصوات الكثيرة إذا لم تستطع أن توصل المترشح إلى المقعد فإنها لا خير فيها سوى للمواساة أو التفاخر، كما أن البعض كان ينظر إلى نزول المرأة بشكل مستقل يضعف من فرصها في الفوز كذلك الحال بالنسبة للرجل الكويتية اليوم وضعت الفرضية على المحك وهذا ما فعلته تحديدا أسيل العوضي فقد نزلت ضمن التحالف الوطني الديمقراطي، ومدعومة من تيار له ثقله، وله مؤيدوه، نعم ساهم ذلك في إحرازها أصواتا فاقت الـ 5000 صوت.

أغلب المانشيتات التي صاحبت الانتخابات كانت في الغالب واقعية ومتشائلة، وفي الوقت نفسه بشكل مبكر قدمت العزاء للمرشحات ولم تبيعهن الأمل، فقد كانت تشير مضامينها في الغالب إلى الحظوظ الضعيفة، والاستحقاق الصعب للكويتيات.

الناخبات الكويتيات كان بإمكانهن قلب المعادلات وجر النار إلى قرصهن لو أردن وجود وجه نسائي وصوت لهن تحت قبة البرلمان، نستشف ذلك لكون عدد الناخبات الكويتيات بلغ 250 ألفا مقابل 161 ألفا ومئتي ناخب.

خمس دوائر وخمسون مقعدا وبمقدور كل ناخب أن يعطي صوتا واحدا لعشرة مترشحين وفي أغلب الدوائر كانت المترشحات موزعات، كانت هناك فرص مواتية لوصول المرأة، عند الوهلة الأولى، ولكن نظرا لعدم وجود القناعات الراسخة بإمكان مشاركة المرأة في صنع القرار إلى جانب أسباب أخرى تتعلق بذكورية المجتمعات العربية، وطبيعة المجتمعات الخليجية والتنشئة الاجتماعية والتعصبات القبلية التي تميز الكويت قبل غيرها من المجتمعات الخليجية أثرت بشكل سلبي على وصول المرأة، على رغم تحسن الوعي السياسي، وعلى رغم أن القوانين اليوم تتيح للمرأة فرصة المشاركة وممارسة حقها السياسي كناخبة وكمترشحة، ولكن النتائج تقول لها عليك أن تنتظري أيضا أربع سنوات أخرى لكي تضعي نفسك من جديد على سكة المشاركة البرلمانية، ربما المرة الثالثة لبعض المرشحات تمثل الضلع الثالث لاكتمال المثلث وربما المرة الثالثة تقلب الموازنات والمعادلات وتكون غير ثابتة بخلاف ما هو دارج «الثالثة ثابتة»، فالتشاؤل سيد الموقف، ولاسيما أن أي تجاوب إيجابي في الكويت له أثره الإيجابي في المنطقة والعكس صحيح أيضا.

على رغم أن لا مؤشرات إيجابية هناك بارزة على السطح، فإن بعض المترشحات يصدحن من الآن في جو حماسي لا يمكن فصله عن الجو الانتخابي، وكأنما الدعايات الانتخابية للعام 2012 ستنطلق من الآن بأن المسيرة ستستمر على رغم عدم الفوز، الموقف إيجابي ولكن الإيجابية ليست الحل لأنها أصلا موجودة، السؤال كيف يمكن الوصول طالما بقت المعوقات؟

الأنظمة بخلاف ما هو موجود وبغض النظر عن الأسباب والمسببات، تلتزم الصمت وتواصل وضع رجل فوق أخرى، ولا تحرك ساكنا حتى لا تتهم بكونها من المميزين، الأمر أصلا لا يعنيها طالما لا يتعارض مع مصالحها الشخصية.

نبقى أن نؤكد أننا كلما تابعنا أكثر ووضعنا أيدينا على الخلل وتأملنا في المضامين ومفردات المشهد لا نستطيع أن نبرح ساحة التشاؤل، فنحن متشائلون عموما من مستقبل المرأة السياسي، مشكلة لا تعاني منها فقط البحرين والكويت بل المعاناة ممتدة ربما هذا يعد أفضل عزاء لمن لا عزاء لهن.

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 2087 - الجمعة 23 مايو 2008م الموافق 17 جمادى الأولى 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً