العدد 2087 - الجمعة 23 مايو 2008م الموافق 17 جمادى الأولى 1429هـ

«الاندماج»... ألمانيا مثالا

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

«وزارة الأجيال والعائلة والمرأة والاندماج» هو الاسم الرسميّ لإحدى الوزارات الألمانية في ولاية «شمال الراين ويستفاليا» (ألمانيا تتكون من 16 ولاية)، وهي إحدى المحطات التي توقفت عندها الأسبوع الماضي أثناء زيارتي للوزارة مع وفد عربي بدعوة من وزارة الخارجية الألمانية. الحياة السياسية الألمانية تسيطر عليها أربعة أحزاب رئيسية، وجميع هذه الأحزاب متفقة على ضرورة إدماج الجاليات المهاجرة في المجتمع. وهذه الولاية الألمانية التي تتكون من 18 مليون نسمة لديها أكثر من أربعة ملايين نسمة من أصول أجنبية، من بينها جالية من العراقيين المسيحيين الذين نزحوا إلى ألمانيا أخيرا بعد استهدافهم داخل العراق.

أثناء زيارتنا للوزارة كانت الفرصة مواتية للحديث إلى المسئولين الألمان عن السياسة الرسمية المتبعة لإدماج مختلف الفئات في الشأن العام، وبينما كان الحديث يدور عن ألمانيا دارت في خلدي مجريات الأمور في بلادي البحرين، وتساءلت في نفسي: لماذا لا تكون لدينا سياسة مماثلة وآليات فاعلة لإدماج جميع فئات المجتمع، والوقوف بحزم أمام سعي البعض لممارسة سياسة التمييز ضد البعض الآخر؟ لو نظرنا إلى البحرين فسنجد أن لدينا وزارات وهيئات وأجهزة تمتهن التمييز، ولا تؤمن بوجود ألوان متعددة من الطيف البحريني... وفي الوقت الذي يسعى فيه الألمان لإدماج فئات جديدة هاجرت إليهم، فإن لدينا محاولات حثيثة لإقصاء فئات من أهل البلد الأصليين الذين تمتد جذورهم في باطن الأرض فترات طويلة جدا تصل إلى مئات وآلاف السنين.

ربما لسنا بحاجة إلى وزارة لـ «الاندماج»، ولكننا من دون شك بحاجة إلى عدم إفساح المجال أمام وزارات وهيئات تمتهن «الإقصاء»، فالبحرين تعتبر مهدا ومثالا للتعايش بين مختلف الفئات، ومن المقرف جدا أن تستمرّ سياسات تمييزية في عصر حقوق الإنسان، ومن المؤسف أنه لا يوجد لدينا من يقف ضد المنكر، ويتخلّى عن التعصب الفئوي الذي يفتت المجتمعات.

إن البحرين تسوّق نفسها حاليا على أنها البلاد المحبّبة للاستثمارات الأجنبية، وهي فعلا تستحق أن تكون كذلك، ولكن المستثمرين سيسوؤهم إذا وجدوا بلادنا التي اشتهرت بطيب أهلها تسمح لمن لا يعترف بتنوّعها أن ينتهج سياسة ممقوتة إنسانيا. وفي الأيام الأخيرة فازت البحرين بمقعد في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وهو خبر يفرحنا، ونأمل من مؤسسات الدولة أن ترتفع إلى مستوى المسئولية الملقاة عليها، وأن تمتثل لنصائح الدول الصديقة التي أشارت في مداولات 7 أبريل/ نيسان الماضي إلى ضرورة إدماج جميع فئات المجتمع في الحياة العامة، وإيقاف كل أنواع التمييز الموجه حاليا ضد فئة من فئات المجتمع.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 2087 - الجمعة 23 مايو 2008م الموافق 17 جمادى الأولى 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً