العدد 2087 - الجمعة 23 مايو 2008م الموافق 17 جمادى الأولى 1429هـ

المبارك: الحياة الأسرية تقوم على الاختيار والتسامح بين الزوجين

الوسط - محرر الشئون المحلية 

23 مايو 2008

عنون خطيب جامع الإمام المنتظر بقرية دار كليب الشيخ حميد المبارك خطبته أمس (الجمعة) بعنوان “قبس من سيرة علي وفاطمة”، وقال المبارك في خطبته: “إن أمورا كثيرة يمكن أن نستفيدها من سيرة علي وفاطمة وخصوصا فيما يتعلق بقضايا الأسرة، ففي المرحلة الأولى من مراحل تكوين الأسرة هي الاختيار، وقد ورد في الحديث “إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه”، وهنا يجب أن نقف عند مفردة الخلق، فالخلق لا يعبر فقط عن المظهر الخارجي للآداب العامة، بل يعبر عن نمط الشخصية وروحها، وهنا يأتي الرضا الشخصي بين الزوجين، فإن الجمال الروحي وقبول الشخصية أمران نسبيان، يختلفان في القبول وعدمه من شخص لآخر، كما أن الجمال الظاهري كذلك. ولذلك نجد أنه قد خطب فاطمة الكثير ممن كان حول النبي (ص) إلا أنه علم بأنها لن ترضى بسوى علي، فلما خطبها علي استبشر بذلك، فالعلاقة الزوجية بين علي وفاطمة بدأت بالرضا التام في الاختيار، والمرحلة الثانية في العلاقة الزوجية هي ما يقع بين الزوجين من أمور أثناءها، فمن الأمور المهمة مبدأ التحكيم بمعنى أن الزوجين يستشيران في شئونهما من هو أكثر خبرة وممارسة للحياة، ولا ينبغي للزوجين الشابين أن يتوهما الاستقلال التام في تدبير أمورهما، وذلك لأن التجربة هي نصف العقل، ومن الغنيمة أن يفيدني من هو أكبر مني بتجربته في الحياة، ولذلك نجد أن علي وفاطمة رجعا إلى رسول الله (ص) في تقسيم العمل بينهما، ومع ما يتمتعان به من كمال وعصمة إلا أنهما ضربا نموذجا راقيا في الرجوع إلى رسول الله (ص) فحكم بأن تقوم فاطمة بعمل البيت، وأن يقوم علي بالعمل خارجه”.

وأضاف المبارك أن “المبدأ الآخر هو الواقعية في التعامل، وأقصد بالواقعية هو أن كل واحد من الزوجين يتلقى مشكلات الآخر وسلبياته بحدودها ولا يضخمها في نفسه، فإن التلقين كما يقول علماء النفس له أكبر الأثر في صنع الاتجاه وبالتالي المواقف، فإذا أقنع الإنسان نفسه أن حياته تعيسة فستكون كذلك، وإذا أقنع نفسه بأن حياته مليئة بنقاط الإيجاب فسيكون قادرا على الاستفادة منها. فالزوجان يمكنهما أن يتعاملا مع صعوبات الحياة ومع سلبيات بعضهما من خلال عدم إعطائها بعدا كبيرا ومحاولة التعامل الواقعي معها، وهذا ما نستفيده عندما نقرأ في الرواية التي تقول إن علي وفاطمة جاءا إلى النبي (ص) ليطلبا منه خادما يعين فاطمة في عمل البيت، فقال لهما ألا أخبركما بما هو أكثر نفعا من الخادمة وعلمهما التسبيح المشهور المعروف بتسبيح الزهراء. ففي نظري ليست في الرواية دلالة على كراهية استئجار الخادم والاستعانة به ولكن النبي (ص) علم بأن فاطمة قادرة على التعامل مع هذه الصعوبة فأراد لها ذلك، فإن التعامل مع صعوبات الحياة يزيد في كمال الإنسان ونضج شخصيته”.

وواصل المبارك حديثه قائلا “الأمر الثالث الذي نحب التأكيد عليه هو التسامح بين الزوجين ولا أقصد به الإهمال فإن إهمال الأخطاء وعدم الاعتناء بها يتحول إلى عقدة وقد يتحول بعد زمن إلى موقف صادم، فينبغي للزوج أن يتعاطى مع أخطاء زوجته والعكس كذلك، ولكن بنحو مثمر وليس بطريقة مخربة ومستفزة، ولذلك جاء في الحديث “العتاب حبال المودة، وإذا عاتبت فأجمل”، يعني ذلك العتاب بالإشارة فإنه أوقع أثرا، وكان النبي (ص) إذا أراد معاتبة أحد من أصحابه لا يصرح باسمه وإنما يقول: “ما بال أقوام”. وعندما نلاحظ الموقف الذي حصل بين علي وفاطمة عند رجوعها من خطبتها الشهيرة في المسجد وكيف أن كل واحد منهما أبدى ما في نفسه بأدب جم وأسلوب رفيع فيه تأكيد على مكانة الآخر مع إيصال المعنى الذي يود إبلاغه له فهذا درس آخر ينبغي أن يستفيد منه الزوجان في طريقة العتاب أو المساءلة بينهما”.

العدد 2087 - الجمعة 23 مايو 2008م الموافق 17 جمادى الأولى 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً