العدد 2085 - الأربعاء 21 مايو 2008م الموافق 15 جمادى الأولى 1429هـ

خطاب الدولة

مربك جدا هو خطاب الدفاع عن الدولة/ هيبة الدولة/ جسد الدولة/ سياسة الدولة، الذي بدأ يتزايد اليوم بعد الآخر على ألسنة الكثير من المثقفين في الوطن العربي.

وخلاف أن هذا الخطاب يبدو كردة فعل أساسها التخوف من وصول الإسلاميين للسلطة أو الخروج بنموذج عراقي جديد هنا أو هناك، فإن أحدا لم يتنبهِ إلى أن وراء هذا الخطاب دلالات مهمة، ليس أقلها أن المثقف العربي الذي كان مشغوفا بالدفاع مع المجتمع المدني والديمقراطية والحرية أصبح بين ليلة وضحاها يعيش في حلقة تسويقية للأنظمة العربية كافة على عاتق البعبع «الإسلاموي» و «الخوف من الفوضى».

الخطاب الثقافي في الدفاع عن الدولة يستمد قوته بالطبع من التشكل المعرفي لمفهوم الدولة في التجارب الغربية، والمثقفون العرب، لا يفعلون شيئا سوى إسقاط تلك المعرفة وتشكيل جزئياتها على نماذجهم السياسية، وعلى رغم أن هذا الإسقاط يحتوي من المغالطات الكثير فإن أحدا منهم لم يكلف نفسه عناء فهم الزمكانية التي أنتجت تلك النماذج من الدول المعنية بخطاب الدولة في المعرفة الغربية وكيف أنها لا ترتبط البتة بأي من تلك المكونات «الفاسدة» التي تقوم عليها الكثير من الدول العربية.

يبدو جليا اليوم أن المثقف العربي بدأ يلبس لباس الدولة ويشرع لها أن تفعل بالمجتمعات العربية ما يشاء قادتها ودكتاتوريوها، وهو أيضا، من أصبح في خضم ما ينتجه من معالجات ورؤى خط الدفاع الأول باسم حماية الدولة والحفاظ على الدولة، وعلى رغم أن خطاب هذا المثقف يمعن في تلوين مساحاته بالتخوف من شرعة الغاب الإسلاموية أو فوضى العصابات فإنه لا يبدو مدركا أن ما يدافع عنه هو أيضا، شكل من أشكال حكم الغاب والفوضى الذي كان بالأمس أحد أهم الموضوعات التي كان يتعرض لها بالنقد والتقويض.

العدد 2085 - الأربعاء 21 مايو 2008م الموافق 15 جمادى الأولى 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً