المفكِّر الفرنسي أوليفر روي له وجهة نظر بشأن انتشار الحركات المتطرفة في أواسط الجاليات المسلمة في أوروبا. يقول إن التهميش الذي تعرضت له هذه الجاليات خلق منها أرضا خصبة لنشوء الحركات المتطرفة بداخلها وتطورها، وهذا التطرف أحدث خللا اجتماعيا وتسبب بعمليات إرهابية وحالات عنف. ويدعو روي إلى اندماج المسلمين، والابتعاد عن ثقافة التغريب وسياسة التهميش والإقصاء.
والموضوع ذاته ينطبق على واقعنا المحلي؛ إذ إن سعي بعض الجهات الرسمية وعدد من الجهات المتحالفة مع ذوي النفوذ إلى إقصاء فئة من فئات المجتمع البحريني وتهميشها، بل استهدافها واتهامها في كل وقت وبمناسبة ومن دون مناسبة في وطنيتها وولائها لتربة الوطن إنما يمهد الطريق لنشوء حركات متطرفة ويسهل على من يريد الاصطياد في الماء العكر.
المعضلة ماثلة وواضحة أمامنا، وهي بحاجة إلى صدق وجدّ واجتهاد لمنع استفحالها أكثر مما هي عليه الآن. ففي أحد النقاشات التي أجريتها مع مجموعة من الشباب بشأن بعض من يرفعون صورا لرموز غير بحرينية وافقوني الرأي بشأن ما طرحت، ولكن أحدهم قال: «إننا نريد أن نقهرهم مثل ما يقهروننا». ولو تمعنا النظر في هذه الجملة فسنجد في مضامينها معاني التهميش الذي يشعر به هذا الشاب. فهو يقول: «نريد...» بمعنى أنه واحد من فئة في المجتمع تستجمع الشعور ذاته، وأن الهدف هو إغاضة طرف آخر (والمقصود السلطة)، وسبب ذلك هو اعتقاده أن هذا الطرف يسعى لاستهدافه.
وعلى رغم أن مثل هذا الحديث ليس صحيحا من الناحية السياسية، فإنه يشير إلى حالة تحتاج إلى معالجة؛ إذ إن هناك شعورا بالإقصاء والاستهداف، وهذا الشعور له أداته المادية الواضحة وضوح الشمس، وبالتالي إن ردة الفعل المباشرة لذلك هو القيام بما يغيض المتسبب في هذا التهميش. وهذا يعني أن ما يشير إليه روي يشبه ما يحدث لدينا أيضا ولكن بصورة أخرى. ولكي نمنع هذه الحالة غير السليمة من الاستمرار والتفاقم فعلى الدولة - وهي دولة قادرة ومتمكنة وليست فاشلة في إدارة شئونها - أن تضع الخطط والبرامج الكفيلة لإدماج كل فئات المجتمع في الحياة العامة من دون تمييز على أساس طائفي أو عرقي، تماما كما أوصى بذلك أصدقاء الحكومة أثناء مداولات جنيف الحقوقية في 7 أبريل/ نيسان الماضي.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 2084 - الثلثاء 20 مايو 2008م الموافق 14 جمادى الأولى 1429هـ