الخطوة التي اتخذتها الحكومة البحرينية بمشاطرة الشقيقة الكويت حزنها عبر تعطيلها لمؤسسات الدولة وإعلانها الحداد العام كانت لفتة كريمة من الحكومة وأداء للواجب تجاه الراحل العزيز سمو الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله الصباح.
لهذا الفقيد في قلوب أبناء الكويت الكثير من الحب والمودة التي نالها من خلال مواقفه الصلبة في مؤازرة سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح في أقسى الأزمات التاريخية التي مرت بها الشقيقة الكويت حين غدر بها رئيس النظام العراقي البائد صدام حسين، وللفقيد أيضا، في قلوب أبناء الخليج كافة القدر نفسه من المودة إذ ما هذا الراحل إلا ذلك المناضل الفذ عن أراضي الخليج كافة.
الكويت في قلوب البحرينيين هي أكثر من دولة شقيقة تتشارك والبحرين في منظومة سياسية واجتماعية واحدة، فالكويت التي ساهمت في بناء البحرين وفي تعليم أبنائها واحتضانهم كانت ولاتزال بمثابة الوطن الثاني للكثير من البحرينيين، وهو في المحصلة ما جعل مشاطرة البحرين للشقيقة الكويت في أحزانها وأفراحها على الدوام سمة من سمات هذه العلاقات التاريخية بين الشعبين من جهة وبين القيادتين السياسيتين من جهة أخرى.
لقد قدم الشيخ سعد العبدالله الصباح لوطنه الكثير، ووطنه هنا ليس الكويت فقط بل بلدان الخليج كافة التي استذكرت رحيله بإعزاز وإكبار يليق بمقامه وعطاءاته وتضحياته. لقد كان سعد العبدالله نموذج الإنسان الخليجي الحقيقي الذي لم يترفع على أبناء وطنه ومحبيه، فكان لهم الصديق والوالد والأخ والابن في جميع مراحل عمله السياسي. لقد كان سعد العبدالله روح الكويت التي غادرتها في فترة عصيبة أخرى نتطلع من الكويتيين أن يتجاوزوها اليوم قبل الغد.
يستطيع الكويتيون أن يتذكروا اليوم هذا الرجل كلما عصفت بهم حمى الطائفية المستعرة على مقربة منهم، يستطيعون اليوم وقد أنهوا انتخابات مجلس الأمة أن يجعلوا من ذكرى هذا الرجل العماد لإرجاع أرواحهم التي كاد عفن الطائفية أن يذهب بها لمتاهات الفرقة.
لقد شرب الكويتيون من كأس الطائفية وقد كنا نراهن على أن لا أحد يستطيع أن يخترق هذا المجتمع الكريم المتآلف، وأتى رحيل سعد العبدالله ليعطي الكويتيين الفرصة الأهم في استرجاع ذكرياتهم التي يكادون أن ينسوها، حين وقف شيعيهم وسنيهم صفا واحدا خلف عائلة الصباح الكرام في التحام وطني رائع جسد حقيقة الكويت والكويتيين معا.
يستحق سعد العبدالله الصباح من الكويتيين أن يردوا له شيئا مما قدمه لهم، يستحق منهم أن يعودوا لما كانوا عليه بناء قويا شامخا لم تهزمه آلة الدمار البعثية أو دعاواها الباطلة، يستحق سعد العبدالله من الكويت ومنا كل الحب والمودة والذكرى الحسنة، وهو جدير بها، وهو ما لا نريد إلا أن نتوقعه منهم. فهل يحرس سعد العبدالله الكويت ميتا كما فعل حيا؟.
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 2082 - الأحد 18 مايو 2008م الموافق 12 جمادى الأولى 1429هـ