بعد كل ذاك الضجيج المتعلق بتجربة الاستجواب التي اختارها من تقدم بها من كتل ومستقلين, وبردت الاتهامات المتبادلة بين أعضاء اللجان قبل المستجوبين, بل وبعض أنصار هذا الوزير أو ذاك حول الأرتكابات والخروقات التي صاحبت تلك الاستجوابات وطبعت نتائجها, وبعد حدوث ما حدث صار بالإمكان التوقف لقراءة نتائج وخلاصات هذه التجربة تحت قبة البرلمان, ومحاولة الإجابة على سؤال خلاصته, ماذا ربحت تلك الكتل أو السلطة التنفيذية والمواطنون من تلك التجربة؟.
وهو سؤال قد يكون جوهر إجابته في سؤال معكوس أساسه, ماذا خسرت البحرين من تلك التجربة؟
لكن الإجابة عن الربح والخسارة في الاستجوابات غير ممكن دون التوقف عند بعض المعطيات التي أحاطت بها, والتي شكلت بيئة الاستجوابات, وهي بيئة تتناقض في شكلها ومحتواها مع ما رغب به المواطن, أن تتم الاستجوابات ومحاسبة الفاسدين والمفسدين, في ظلاله من تغيير وانفتاح على طريق الإصلاح والتقدم عبر أمانة المؤتمنين (النواب), وهو ما لم يحدث خلاف الآمال. وهو ما تكرر طوال الدور التشريعي الثاني بعيدا عما أصاب المواطن من إحباطات ترافقت مع تقاعس السلطة التنفيذية عن حل مشكلة الغلاء المعيشي ومشكلة البحار المسكين والمتقاعد الذي مازال بعضهم يتقاضى راتبا تقاعديا يحمل نفس الرقم منذ عشر سنوات او أكثر ناهيك عن تعطل البرلمان لمدة لا تقل عن ثلاثة شهور عنوانها الصراخ والاختلاف, وهذه الفترة طبعا خاسرها الوحيد هو المواطن البسيط عن متابعة أدنى متطلباته من السلطة التنفيذية, إذن هو الخاسر الوحيد من جراء ذلك.
وإذا كنا نأمل برسم ملامح إصلاحية لحال المواطن من تحت قبة البرلمان والسلطة التنفيذية في المرحلة المقبلة, هناك إشكالية تتمثل في إن البيئة الحاضنة (النواب والحكومة) تتناقض مع طموح الفرد البسيط, بل أنها كرست بيئة جامدة ومتشددة هي أقرب ما تكون الى البيئة التي كانت تجرى فيها الانتخابات, وقد غلب على البيئة الطائفية المتشددة.
فليعلم من يهمه الأمر بأن المواطن لا يطمع في أكثر من تحسين وضعه المعيشي والصحي والتعليمي والإسكاني والضمان الاجتماعي, هذا بجانب مشاركته في صنع القرار والرقابة التي تكفل له الحفاظ على مكتسباته ومقدرات الدولة التي ينتمي اليها دون واعز, وإن كان هناك استحقاق تجهله الحكومة والمتشدقين بالإصلاح من خلال البرلمان والمعارضون داخل البرلمان وخارجه الذين هم في الأساس خارج الخارطة السياسية وأقصد هنا الذين همهم التخريب وتصدير العرائض, فليعلموا بأن هناك محاور تسعى السلطة التنفيذية التملص منها وهي إن هناك اختلالا في التوازن بين قطاعات الإنتاج السلعي وبين قطاعات التوزيع والخدمات لصالح الأخير، واختلال الأمن الغذائي بسبب ارتفاع الأسعار والمائي. الاعتماد على الأسواق الخارجية لسد الحاجات الاستهلاكية والاستثمارية. تأثير التجارة الحرة في الاقتصاد البحريني, فالمنتجات الوطنية تتعرض لمنافسة وهيمنة الشركات الاجنبية.
في المقابل مازال الكثيرون يفاخرون بردم البحر وبناء الحجر حتى ولو كان على حساب البحار والسكن.
علما بأن المواطن بحاجة لمعرفة المفهوم الاستراتيجي لتخطيط التنمية المنشودة؟ وما الفرضية التي يقوم عليها, وكيف تتفاعل الموارد البشرية مع الموارد الاقتصادية لدفع المسيرة التنموية التي في الأساس غير محددة المعالم.
هنا أقول إذا كان الهدف من هذه التجربة (الاستجواب) هو تحقيق الرقابة, فبما أن الرقابة حسب التعريف هي التحكم والتوجيه الذي يقوم فيه شخص او جماعة او هيئة رسمية او شعبية في أمر او موضوع او سلوك استنادا لضوابط ومعايير متفق عليها سلفا بغية التخلص من الأخطاء التي تهدر الجهد والمال في طريق الوصول الى تحقيق الأهداف المرسومة.
فالرقابة كذلك مطلوبة على المعارضة إن كانت تحمل هذه الصفة والكتل والمجتمع وداخل السلطة التنفيذية.
فليتقي الله أخواننا النواب والسلطة التنفيذية وليروا متطلبات المواطن التي لا يختلف عليها اثنان ولا عاقل وهنا أقول إن كانت الحكومة والنواب قدرنا فنسأل الله أن يلطفوا بنا.
إقرأ أيضا لـ "سلمان ناصر"العدد 2082 - الأحد 18 مايو 2008م الموافق 12 جمادى الأولى 1429هـ
الحسابات
انا اريد حل اسئلة توزيع الارباح والخسائر بسرعة