في الوقت الذي علت أصوات عشرات أولياء أمور الطلبة الدارسين في مختلف المراحل الدراسية بالمدارس الخاصة من قرارات بعض إدارات المدارس رفع الرسوم الدراسية بنسبة متفاوتة، أبلغ مسئول بوزارة التربية والتعليم «الوسط» أن لجنة خاصة بدراسة طلبات تعديل الرسوم التعليمية بالمؤسسات التعليمية الخاصة تم تشكيلها بالوزارة، ووضعت اللجنة ضوابطَ ومعاييرَ تتم بناء عليها دراسة الطلبات التي تتقدم بها المدارس الخاصة لتعديل الرسوم التعليمية.
وأفادت مديرة إدارة التعليم الخاص بوزارة «التربية» نورة المناعي أن من بين تلك الضوابط مقارنة الرسوم الحالية بنسبة الزيادة في الرسوم المقترحة، ومقارنة أعداد الهيئتين الإدارية والتعليمية بالمدرسة لتحديد نسبة الزيادة في عدد الموظفين، ومقارنة أعداد الطلبة بالطاقة الاستيعابية للمبنى المدرسي.
أولياء الأمور في حيرة!
ولم يخفِ الكثير من أولياء الأمور توقعاتهم أن المدارس الخاصة ستقدم على خطوة رفع الأسعار في العام الدراسي الجاري أو المقبل، ولكن النقطة الفاصلة هنا هي نسبة الزيادة التي كان لدى الكثير من أولياء الأمور اعتراض عليها، فالبعض منهم رأى أن الزيادة «غير مبررة»، فيما كان للبعض الآخر وجهة نظر في أحقية المدارس في رفع الرسوم ولكن بالصورة التي لا ترهق أولياء الأمور. وفي كل الحالات، إن غالبية أولياء الأمور ممن تضغطهم كثرة المصاريف في حيرة، وبعضهم يفكر في نقل أبنائه الى المدارس الحكومية إذا استمر هذا الارتفاع.
ويشير بعض أولياء الأمور الى أن الكلفة السنوية للطالب في العام الماضي تتراوح بين 800 و1000 دينار، ولكن خلال هذا العام سترتفع الى ما يزيد على 1300 دينار! وهذه الزيادة - وإن كانت مقبولة من ناحية مستوى التعليم وما يحصل عليه الطلبة من خدمات - تصبح مرفوضة في حال عدم تقديم خدمات نوعية أخرى للطلبة.
ويتمنى ولي أمر أحد الطلبة أن تتدخل الوزارة لتعيد النظر في وضعية المدارس التي رفعت الأسعار أخيرا وخصوصا في مراحل التمهيدي والروضة، وتبحث مدى صدقها في رفع الرسوم وفقا للمشاريع والتطويرات التي أدخلتها أو لا.
رفض فكرة
«المدارس التجارية»
ولكن في المقابل، ترى إدارات بعض المدارس أن النسب المضافة لم تأتِ جزافا، بل روعي فيها متوسط مداخيل أولياء الأمور! فالذي يرسل أبناءه للدراسة في المدارس الخاصة ليس بالضرورة ثريا أو مقتدرا، كما تقول مديرة احدى المدارس، بَيْد أنها في الوقت ذاته تشير الى أن هناك مشاريع وبرامج تطوير تنفذها المدارس وهناك توظيفا واستقداما لمعلمين ومعلمات وهذه كلها تتطلب تغطية مالية كبيرة، فما تلك الزيادة في الرسوم إلا لتغطية هذه الالتزامات، ولكنها متيقنة تماما بأن أولياء الأمور أو الكثير منهم يفضلون المدارس الخاصة على غيرها؛ لأن الفكرة المنتشرة بين أولياء الأمور في البحرين - من المواطنين والمقيمين - هي توفير مستوى متقدم من التعليم لأبنائهم، وهذا ما توفره الكثير من المدارس الخاصة.
ومن جانب آخر، يرفض مسئول بإحدى المدارس الخاص القول إن هذه المدارس أصبحت تفكر في الربح التجاري أولا وأخيرا على حساب العملية التعليمية، حيث يشير الى أن الزيادة التي طرأت تتراوح بين 15 و25 في المئة، وأنها زيادة طبيعية لم تقتصر على مدرسة دون أخرى، فالتنافس يدفع في اتجاه توسعة المدارس وإضافة مرافق واستقدام معلمين ومعلمات محترفين، وهذا كله يتطلب تغطية مالية كافية.
ويؤيده في الرأي مدير آخر قال بكل ثقة: «نعم لقد زدنا الرسوم، ولكننا لم نقم بذلك اعتباطا! هل تعلم بأن المدرسة لا يحق لها زيادة أية رسوم الا من خلال موافقة وزارة التربية والتعليم؟ والوزارة لا توافق على زيادة رسوم أي مدرسة الا بناء على معايير قانونية توضح أحقية المدرسة في ذلك؛ لكي تنمو وتستمر وتعمل وتقدم مستوى تعليميا راقيا».
غالبية أولياء الأمور... تفهّموا!
ولا يرغب بعض مديري ومديرات المدارس في التصريح بوضعية مدارسهم وأسباب الزيادة المقرة، ولكن في الوقت الذي كانت تستقبل زائرا من جامعة كامبريج البريطانية لتقويم مستوى أداء الامتحانات، كانت مدير مدرسة لؤلؤة الخليج ابتسام الزيرة تصرح لـ «الوسط» بشأن ما تشهده المدارس الخاصة من ارتفاع في رسوم الدراسة حيث تشير الى أن مدرستها لم ترفع الأسعار منذ افتتاحها في العام 1996، ولكن زيادة الرسوم كانت مرتبطة أيضا بالعوامل الأخرى التي يشير اليها الكثيرون اليوم وهي موجة الغلاء وارتفاع أسعار الشحن وارتباطها بارتفاع أسعار النفط، فهذه العوامل أثرت في مشاريع التوسع بالمدرسة، ومنها اضافة المرافق والمباني التي استلزمت زيادة الموازنة بسبب ارتفاع أسعار مواد البناء.
وبالإضافة الى ذلك، تشير الزيرة الى أن موجة الغلاء تلزم أيضا رفع أجور المعلمات، فمن الذي سيتحمل كل هذه الأعباء؟ زد على ذلك أن كلفة أسعار الكتب والشحن وخصوصا إذا علمنا أن معظم مناهج المدرسة تأتي من لبنان (العربية) وأميركا (العلوم والرياضيات والإنجليزية) ومن بريطانيا (شهادة كامبريج)، ونسبتها 80 في المئة من مجموع الكتب، وما يتبقى هو مناهج التربية الدينية والاجتماعيات (لبعض الصفوف من الرابع إلى الثامن).
وتلفت الى أن «الإدارة تراعي أوضاع أولياء الأمور، بحيث يكون هناك تقدير لنسبة الزيادة في الرسوم لئلا ترهق أولياء الأمور. ولأننا انضممنا الى جامعة كامبريج فلابد من تأهيل المعلمات خارج البحرين في دورات وورش عمل وتدريب على المناهج، وهذه الدورات تتطلب تخصيص موازنة خاصة لكلفتها».
وتابعت «الزيادة تراوحت بين 14 في المئة و24 في المئة حدا أعلى، والنسبة الأعلى كانت على مرحلة الروضة، على حين المراحل من الصف الأول الى العاشر تراوحت بين 12 و18 في المئة، وغالبية أولياء الأمور تفهموا وضع الزيادة، غير أن الأقلية المتبقية لم يعارضوا الزيادة ولكن كانت لهم ملاحظات عن نسبتها».
العدد 2081 - السبت 17 مايو 2008م الموافق 11 جمادى الأولى 1429هـ