«يا بوي و أنت بحر الطيب و الساقي تسقني الطيب وتورثني طبوعك/ يالقايد اللي سكنت بداخل أعماقي يالنادر اللي قليل بالعرب نوعك»، هكذا يحيي الشاعر ناصر بن حمد آل خليفة والده وراعي نهضة مملكتنا الفتية حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى ليكشف قوة الجاذبية التي يتمتع بها جلالته من طيب نادر عربي أصيل كان لها أشد الأثر على انعكاس تلك المزايا الكريمة على شخص سمو الشيخ ناصر.
وتبدو البحرين محظوظة بأن منّ الله عليها برجالات شغلها الشاغل إيلاء الاهتمام بالجوانب التي من شأنها رفعة البلاد وتحقيق السمعة الطيبة بين جيرانها وأصدقائها، وهو امر تحقق لها وبشهادة الجميع بعد توفيق من الله وبفضل الدعم الذي توليه الحكومة الرشيدة لأبناء هذا الوطن.
ولاشك ان أحد المقومات الإنسانية التي ساندتها البحرين وبقوة هي قضية دعم الأدب الشعبي وخصوصا ما يتعلق منه بالجانب الشعري، حين وجه سمو الشيخ ناصر المعنيين بضرورة شحذ الهمم وبذل كل الجهود من أجل إنجاح الأمسية الجماهيرية الكبيرة «شاعر المليون» التي احتضنتها جامعة البحرين مساء الجمعة وسط إشادة كبيرة من الحاضرين الذين أعربوا عن إعجابهم بالمستوى اللافت الذي ظهر به المهرجان ووصف بأنه عرس كبير.
هذه الأمسية التي حضرتها جماهير من كل حدب وصوب برهنت الظمأ الذي تعانيه وافتقارها لهذه النوعية من التظاهرات الراقية وحبها الكبير للشعر ومساندتها له.
هذا التجمع الأدبي كان نتاج مبادرة من «ناصر الشعر»، كما يحلو لبعض محبي سمو الشيخ ناصر ان يطلقوه عليه، حين رعى وللعام الثاني على التوالي الأمسية الشعرية، كما أن مشاركة سموه الشعرية أضفت في بداية اللقاء جوا احتفاليا خاصا بهيجا تراقصت على وقع قصائده المدائحية كل الصالة.
وأبى سمو الشيخ ناصر في تلك الليلة إلا أن يبادل قيادته ممثلة في جلالة الملك المفدى وأرضه حبا بحب وانتماء بانتماء، قائلا «دعوني أكثر المديح وأهجر الغزل قليلا»، حتى قوبلت عبارته الأخيرة بوابل من التصفيق والإطراء لشخص سموه الذي ما فتئ يدلل على الثقافة الإنسانية التي يحملها بداخله وولعه الشديد تجاه قيادته وبلده.
ولأن البحرين سباقة دائما لاحتضان مثل هذه الفعاليات التي تحض على إبراز الآداب الإنسانية، كان لزاما أن يشهد القاصي والداني على حد سواء بمبادرة المملكة متمثلة في شخص سمو الشيخ ناصر الذي كان أول الداعين لنجوم برنامج «شاعر المليون» بعد انتهاء البرنامج للاحتفاء بهم في مملكة العطاء وليسجلوا بالغ تقديرهم على هذا الاهتمام الذي ما فتئ سموه يحيطه بالأدب ورجالاته.
على مدار ساعتين إذا، لم ترف خلالهما أعين او آذان الحاضرين حرصا منهم على ألا يفوتهم العزف الجماعي على آلة الشعر التي قادها خمسة شعراء سبق لهم أن خاضوا البرنامج الأشهر عربيا «شاعر المليون».
كان الاستقبال الجماهيري الذي قوبل به شعراء الأمسية أشبه باستقبال الأبطال، ولم تكن تخلو صيحات الجماهير التي زحفت إلى موقع الأمسية من التعليقات المحببة إلى قلوب الشعراء، فبدا مناصرو الشاعر ناصر الفراعنة على وجه الخصوص يلحون على مقدمة الحفل تسميته بـ «شاعر المليون» على رغم مجيئه في المركز الخامس في البرنامج، وكذا الحال مع مناصري الشاعر السعودي الآخر عيضة السفياني.
وكان ملحوظا التجاوب الجماهيري الكبير مع قصيدة السفياني الأخيرة التي غازل حبيبته «العراق»، فحاول إسقاط تجليات الواقع المتأزم في هذه الدولة العربية الشقيقة على نحو يشي بكثير من التفاؤل لمستقبل أفضل لهذه الدولة بعيدا عن لغة الشحن والتهييج السياسي.
الشاعر الإماراتي محمد الكعبي هو الآخر، بادل البحرين عبر قيادتها السياسية الحكيمة من خلال إحدى قصائده محبة وتقدير كبيرين، فلاقت مبادرته استحسان ورضا الحاضرين، كما خص بقصيدة إلى شخص سمو الشيخ ناصر أشاد فيها بخصاله النبيلة وطباعه الكريمة التي ورثها من والده حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى.
في حين كان لحضور الشاعر القطري خليل الشبرمي في الأمسية طابع خاص ليس لأنه المتوج بمسابقة برنامج «شاعر المليون» فحسب، ولكنه حرص على إلقاء قصائده العديدة على طريقة التواشيح والترانيم، وهي الطريقة التي بدت تروق لشعراء آخرين على ما يبدو، فسار كل من الشاعرين الفراعنة والكعبي على نهجه فيما بعد.
أما الشاعر الأصغر سنا في هذه الأمسية الذي صال وجال متألقا شعرا كعادته فهو اليمني عامر بن عمرو، الذي اتحف محبيه بباقة عذبة تسمرت لها الأفئدة الظمآنة شعرا.
ويبقى القول إن البحرين مقبلة على عصر ذهبي في الآداب الإنسانية، وهو الأمر الذي تعهد به سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة وسعيه الدؤوب إلى احتضان ورعاية مثل هذه التجمهرات الراقية التي ستشفع للبحرين بإذن الله تعالى وبفضل رجالاته المخلصين مكانة لائقة وسط دول عربية شقيقة تهتم بالأدب وصناعته على الدوام.
العدد 2081 - السبت 17 مايو 2008م الموافق 11 جمادى الأولى 1429هـ