العدد 2081 - السبت 17 مايو 2008م الموافق 11 جمادى الأولى 1429هـ

أعطوا العلاقات الإيرانية الأميركية فرصة

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

كان الدبلوماسيون في كل من إيران والولايات المتحدة خلافيين شقاقيين لا يعبرون عن الاحترام وناريين في إداناتهم لبعضهم بعضا، الأمر الذي يزيد فعليا من احتمالات تدخل عسكري أميركي.

أعتقد كمطران أسقفي لواشنطن العاصمة، سافر مرتين إلى إيران وأوجد صداقات وقيما مشتركة مع رجال دين إيرانيين، أعتقد أن الوقت قد حان للقادة الدينيين في كلتا الدولتين لأن يتخذوا المبادرة للتوصل إلى طرق للسعي وراء حلول سلمية للمشكلات المعقدة التي استحوذت على العلاقات الأميركية الإيرانية لسنوات طويلة.

يعتقد رجال الدين على الجانبين أنه يتوجب أن يأتي التسامح من التواصل المبني على الاحترام. إلا أن حوارا كهذا لا يمكن أن يأتي من فراغ، أو في بيئات يضفي فيها الناس الشيطانية على بعضهم بعضا.

المقامرة كبيرة في الشرق الأوسط والطروحات الصارخة والسلبية للإدارات السياسية في الدولتين لن تخفّف من التوترات المتزايدة بين دولنا. علينا أن نتقّبل ونعتنق التسامح والحوار الصادق لعكس اندفاع هذا التوجه.

زرت إيران مرتين. كانت الأولى العام 2006 بدعوة من الرئيس السابق خاتمي. قضيت خمسة أيام أخيرا أقابل زعماء أكاديميين ودينيين في إيران، قلقين من احتمالات اجتياح عسكري أميركي لوطنهم.

قضينا في طهران وقم، أقدس المدن الإيرانية، فترة طويلة من الوقت نبحث القيم الدينية المشتركة وموضوعات مشتركة بين المسيحية والإسلام. تركزت النواحي المشتركة بيننا على قضايا السلام، والخطر الأخلاقي على تطوير أسلحة الدمار الشامل واستخدامها.

إضافة إلى الموافقة على أن السياسيين يتصرفون بطريقة صبيانية، نعتقد أنا وزملائي الإيرانيون أن مستوى الجهل لدى المسيحيين والمسلمين بشأن أديان بعضهما بعضا كانت غير معاونة إلى درجة بعيدة في توفير حوار إيجابي بين هاتين الديانتين التوحيديتين العظيمتين وبين أمتينا العظيمتين.

يعتبر التفهم الأعمق لثقافتي الأمتين، وكذلك الاستعداد لمواجهة علاقات تاريخية متشابكة أميركية وإيرانية، خطوات أولية ضرورية.

تستخدم إيران تطوير الطاقة النووية والخطر الضمني لأسلحة نووية مستقبلية كقضية إسفين في علاقاتها مع الولايات المتحدة. وتقول إيران، في الدفاع عن نفسها، إنها الدولة الفارسية الوحيدة في المنطقة، التي تتحدث اللغة الفارسية في وسط الدول العربية. وتقول إيران، التي كانت يوما ما قوة عظمى قبل ألاف السنين، وهي الآن لاعب بدأ يبرز في الشرق الأوسط في القرن الحادي والعشرين، إن مستقبلها مهدد بسبب البرامج والأسلحة النووية في المنطقة.

كما تستطيع إيران أن تنظر إلى تاريخ من المشاركة غير المرحب بها من قبل الولايات المتحدة في شئونها الداخلية. فقد أدى الانقلاب السري ضد رئيس الوزراء مصدّق، الذي كان يتمتع بشعبية كبيرة، العام 1953، وإبراز ودعم الشاه الذي لا يتمتع بأية شعبية، والدعم العسكري من قبل الحكومة الأميركية لصدام حسين في حرب العراق مع إيران، وفشل إدارة الرئيس كلنتون في مشاركة الزعامة المعتدلة التي بدأت تبرز في عهد الرئيس خاتمي (الأمر الذي أدى في النهاية إلى عزل خاتمي من قبل المتشددين في حكومته)، جميع هذه الأمور تشكل حالات فشل مؤلمة في السياسة الأميركية الخارجية.

في الوقت نفسه تملك الولايات المتحدة كل الحق لأن تقلق بشدة من تصريحات يطلقها الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد بشأن المحرقة واجتثاث دولة «إسرائيل»، وكذلك التحقق من أسلحة مصنوعة في إيران واستخدامها من قبل المسلحين الشيعة في العراق ضد الجنود الأميركيين. هذا وما زالت أزمة الرهائن الأميركيين العام 1979، عندما قام الطلبة الإيرانيون المسلّحون باحتلال السفارة الأميركية في طهران، موجودة كجرح مفتوح في النفسية الأميركية.

ويمكن أن نعزو الكثير من الطرح الإيراني المعادي لـ «إسرائيل» إلى الغضب المنعكس من الولايات المتحدة لانتهاك اتفاقيات معروفة بشأن حدود وأطر إنشاء دولة «إسرائيل» أثناء إدارات الرؤساء ترومان وروزفلت، وتطوير «إسرائيل» لأسلحة نووية من دون إذن من الولايات المتحدة. التحيز الواضح للولايات المتحدة تجاه «إسرائيل» في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني لم يؤد إلا إلى تفاقم المشاعر المعادية لـ «إسرائيل». (كما يجب ملاحظة أن أكبر تجمع لليهود في الشرق الأوسط خارج دولة «إسرائيل» هو لليهود الذين يعيشون بسلام في إيران).

من الضروري أن يستمر الزعماء الدينيون من كلتا الدولتين الذين يحترمهم الجميع بسبب علمهم و»دبلوماسيتهم الدينية» في حوارهم بشأن علوم الدين، عن كثب وبتركيز انتقادي، من دون أن تعيقه متطلبات تأشيرات الزيارة التي كثيرا ما تفرضها الولايات المتحدة وإيران.

وبالمثل، يحتاج أعضاء السلك الدبلوماسي على الجانبين أن يعترفوا بأنهم لم يتمكنوا من تحقيق حل سلمي للأزمة الحالية بين دولتينا وبأن الوقت قد حان للمزيد من الحلول الابتكارية.

يجب أن يُرافق تفهّم جديد للقرن الحادي والعشرين لدبلوماسية المسار الثاني التي بادرت بها الدبلوماسية الدينية، السعي الدبلوماسي الرسمي للسلام الذي طالما كان محور الكتب المقدسة لكل من المسيحية والإسلام.

* المطران الأسقفي لمنطقة واشنطن العاصمة. وقد سمي واحدا من 150 من الزعماء الأكثر تأثيرا في العاصمة الأميركية من قبل «مجلة واشنطن»، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2081 - السبت 17 مايو 2008م الموافق 11 جمادى الأولى 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً