لا أحد منا ينكر بأنه وفي طفولته (قبل ظهور الستلايت «الدشات»... أيام الأريل «الهوائي») كنا نتسمر أمام شاشة التلفزيون لمتابعة المسلسلات والأفلام الكرتونية... أبطال تلك المسلسلات هم مجرد رسوم لكننا عشقناهم لدرجة الشعور بالعيش معهم، إذ تكشف ذلك الشيء بتقليد حركاتهم وإيماءاتهم وأصواتهم وكلماتهم المميزة، حتى أصبح ذلك الاستهواء ملازما على رغم تقدم أعمارنا إلى سن الثلاثين، بل أن بعضا منهم من رُزق بأطفال لايزال وبشغف يتابعها معهم.

أنا لا أريد الكشف عن «السحر» الخاص بظاهرة تعلقنا «كبارا» بالكرتون، وإنما أردت أن أطرح عليكم ظاهرة كنت أراقبها منذ فترة ليست بالقصيرة، ولكنني وقبل أيام قليلة فقط اكتشفت سرها أو تحليلها.

الظاهرة مرتبطة بالمسلسل الكرتوني الشهير «توم وجيري»، إذ لاحظت أن الرجال يضحكون وبشكل «هستيري» عند مشاهدتهم لتلك الحلقات، حتى وإن كانوا قد «شبعوا من رؤيتها مرارا وتكرارا»، أما النساء فهن أقل تفاعلا أو ضحكا على تلك المواقف.

أمر حيرني لفترة من الزمن، يا ترى لماذا يضحكون (الرجال) أكثر من (النساء) عند مشاهدة أفلام الكرتون؟!... الإجابة وجدتها في دراسة علمية أجريت في كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأميركية ( إن الظاهرة ليست مرتبطة بالرجل العربي فقط)، إذ كشفت الدراسة أن الرجال أكثر قدرة على سرد النكات من النساء، وأن الهرمون الذكوري (تيستوستيرون) يساعد في إشاعة المرح بين الجنسين ويشجع في إطلاق الكلام المعسول الذي يستهوي المرأة ويدغدغ حواسها ويشيع الفرح ويظهره في عينيها. كما أعطت الدراسة أدلة دامغة، وقاطعة على وجود اختلافات بين الجنسين في إدراك النكتة والمزاح. والدراسة لم تكن نظرية، أو انثروبولوجية، بل شملت مراقبة وظائف المخ، وحركة العضلات.

ولاحظ الباحثون أنشطة المخ لمجموعة من الرجال والنساء أثناء مشاهدتهم الأفلام الكرتونية أو الكوميدية. وتوصلوا إلى أن بعض الأجزاء من المخ المسئولة عن إدراك اللغة والذاكرة وإنتاج أحاسيس إيجابية بالمكافأة، يحتمل أن تنشط أكثر عند الرجال لدى مشاهدتهم للأفلام الكوميدية المرحة، والأمور الساخرة وكذلك المزاح. كما لوحظ أن الرجال الذين شملهم البحث كانوا أقل توقعا لمدى كوميدية المواقف التي يشاهدونها، ولذلك وجد أن مركز الاستمتاع أكثر نشاطا عندهم منه عند النساء. وعلى العكس، بدا أن النساء أكثر توقعا لفكاهة الرسوم المتحركة من البداية وقبل مشاهدتها، لذلك هن أقل ضحكا على تلك المواقف، إنما يكتفين بالابتسامة.

بعد قراءة هذه الدراسة أدركت تماما ما الذي يجعل الرجال يضحكون عند مشاهدتهم لأفلام الكرتون، بينما النساء تعجبهم النكات لكنهم لا يصدرون ضحكات كتلك التي يصدرها الرجال، إذ هن وبحسب الدراسة لديهن القدرة على معرفة ماذا سيحدث في اللقطة التالية بخلاف الرجال.