العدد 2080 - الجمعة 16 مايو 2008م الموافق 10 جمادى الأولى 1429هـ

الزايد: «التقاعد المبكر للمرأة» يبطّن خلاف ما يظهر والحلّ في التشريعات المساندة

كما كان متوقعا، أسقط مجلس الشورى في جلسته الأخيرة المقترحين بقانون بشأن التقاعد المبكر الاختياري للمرأة، بعد أن أوصت لجنة شئون المرأة والطفل برفضه. وفي الوقت الذي انتشر الحديث عن سقوطه الذي اعتبره الكثيرون «في صالح المرأة» من قبل مجلس تشغل عضويته إحدى عشرة امرأة، كان من الضروري البحث وراء أسباب رفض المقترح الذي يملك عنوانا جميلا لصالح المرأة، على حين يحمل في طياته كثيرا من الملابسات التي تبطّن خلاف ما تظهر.

كانت البداية بتقدم مجلس النواب بمشروعين بقانون، الأول هو مشروع قانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم (13) لسنة 1975م بشأن تنظيم معاشات ومكافآت التقاعد لموظفي الحكومة، والثاني هو المشروع قانون بتعديل المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم (16) لسنة 1982م بتعديل بعض أحكام القانون رقم (13) لسنة 1975م بشأن تنظيم معاشات ومكافآت التقاعد لموظفي الحكومة (التقاعد المبكر الاختياري للمرأة). وفي جلسة صال النواب فيها وجالوا لتفنيد رأي الحكومة التي كان ردها ببساطة أن المقترحين يسببان «عجزا» في صندوق التأمينات والتقاعد، أقروا المشروعين رافعين إياهما لمجلس الشورى، الذي كانت له حسابات أخرى غير الموازنة.

في حديث إلى «الوسط» أوضحت رئيسة لجنة المرأة والطفل عضو الشورى دلال الزايد أن «الاعتراض الرئيسي على المشروع هو في عدم دستوريته واتفاقه مع المادة (18) من الدستور التي تنص على المساواة في الحقوق والواجبات بين المواطنين». وأضافت في هذا الصدد «طالما كنا نسعى لتعديل التشريعات وسنّها، فلا يجب أن نستند إلى مخالفة دستورية. إننا بهذه الطريقة نكون قد كرسنا المبدأ الدستورية ولا يحق لنا في المستقبل المطالبة بأي شيء على أساس هذه المادة الدستورية».

وأوضحت الزايد أن «لجنة المرأة والطفل أثناء مناقشتها المشروع المقدم من مجلس النواب استأنست بآراء عدد كبير من المؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني»، مشيرة إلى أن كل الآراء اتفقت على عدم الموافقة بشكل تام على المشروع مع اختلاف أسباب كل جهة. وبيّنت أن المجلس الأعلى للمرأة اختلف مع المشروع استنادا إلى ما فيه من «تمييز وتعارضه مع الاستراتيجية الوطنية للنهوض بالمرأة البحرينية ومبادئ تمكينها، علاوة على آثاره وسلبياته الاقتصادية على وضع المرأة». وصب رأي الاتحاد النسائي في المنحى المعارض نفسه، غير أنه اعتمد على أسباب أخرى من بينها كونه «يحد من تقدم وتنمية المرأة ويدفع إلى عزلها عن العمل، الذي تعاني من الحاجة الاقتصادية بعده فتلجأ في النهاية للبحث عن عمل آخر لسد هذه الحاجة».

وبينما بيّنت الزايد أن الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين رأى من جانبه أن المشروع يؤثر سلبا على وضع المرأة العاملة، أوضحت أن رأي غرفة تجارة وصناعة البحرين كان تأييد المقترح ولكن بشرط التريث في تطبيقه حتى يتم توحيد المزايا بين إدارتي التأمينات والتقاعد، وهي النقطة التي رأت أنها مهمة للغاية، علاوة على رأي صندوق التقاعد المتكرر في رفض المشروع اعتمادا على كونه يسبب زيادة في عجز الصندوق الاكتواري.

وعن رأي اللجنة أوضحت الزايد أن كل الآراء التي تم رفدها للجنة جعلت أعضاءها يصلون إلى نتيجة مفادها أن سلبيات المقترح أكثر من إيجابياته، فالتقاعد المقترح للمرأة لا يتم باختيارها عمليا، ولا يمنح لها بمجرد طلبها، بل يرجع لموافقة السلطة المختصة ويعطي السلطة جوازية هذا المنح؛ مما يخلق - في رأيها - نوعا من التمييز بين النساء وإشكالا في التطبيق. وأضافت أن هذا النوع من التشريعات يؤثر على نسبة توظيف النساء وهي إشكال كبير في وقت تعاني المرأة العاملة في القطاع الحكومي من بقائها في درجة وراتب محددين لسنوات طويلة وقلة فرص الترقي أمامها. وأضافت «لو طالبنا بتقاعد المرأة المبكر فلا يمكن أن نلوم الحكومة بعدئذ بعدم ترقيتها المرأة، فكيف ستدرب الحكومة نساء تعلم أن لديهن الحق في أي لحظة بالتقاعد وبالتالي تخسر كل الموازنات التي صرفتها لتدريبهن، فيما يمكنها ببساطة أن تدرب الرجال الذين يعتبرون (مضمونين) للبقاء، بل يطالبون بتمديد فترة العمل لما بعد التقاعد».

واعتبرت الزايد موضوع التقاعد المبكر للمرأة غير خادم للفتيات حديثات التخرج، فكثير من المواقع بحاجة إلى خبرات تخصصية قضت فترات طويلة من السنوات في العمل، ولن تحلّ حديثات التخرج عمليا في هذا المحل.

وعن البديل الذي تعتبره الأفضل في الوضع الحالي وخصوصا مع وجود كثير من النساء اللاتي هن بحاجة ملحة للتقاعد ردت الزايد بقولها: «النظام الحالي يضمن للمرأة والرجل طلب التقاعد المبكر، والحل الأمثل هو السعي لإقرار تشريعات مساندة للمرأة أثناء وجودها على رأس العمل، ففي اتفاقية مناهضة جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) لم يكن هناك توجه لإخراج المرأة من العمل عبر التقاعد المبكر، بل ذكرت الاتفاقية تدابير (مؤقتة) لتمييز المرأة حتى تصل إلى المساواة، بحيث لا تكون هذه التدابير دائمة. يجب أن يكون التركيز على إنشاء مرافق ملحقة بالعمل لرعاية الأطفال وحضانات لأبناء النساء العاملات، علاوة على تطبيق نظام العمل الجزئي أو نظام العمل المرن، كلها تدبيرات جزئية تساهم في مساعدة المرأة على أداء عملها، بدلا من تقاعدها المبكر الذي يحرمها فرصا كثيرة».

العدد 2080 - الجمعة 16 مايو 2008م الموافق 10 جمادى الأولى 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً