العدد 2077 - الثلثاء 13 مايو 2008م الموافق 07 جمادى الأولى 1429هـ

العمالة المحلية...الحل الأمثل

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

نقل موقع «سي إن إن» تحذير جهات على صلة بشركات التطوير العقاري في الإمارات العربية المتحدة والخليج عموما، من فشل منطقة الخليج في جذب عمال البناء الهنود. وأرجعت تلك الجهات سبب ذلك إلى إزدياد كلفة الحياة من جراء تزايد معدلات التضخم التي تعم المنطقة منذ أكثر من عامين، إلى جانب استمرار ربط عملات المنطقة بالدولار، الذي تتهاوى معدلات صرفه إزاء العملات الأخرى. وأشارت الجهات ذاتها إلى أن هناك ما يقارب من «عشرة ملايين عامل هندي بالخليج يبحثون عن فرص أفضل خارجه، أو حتى في بلدهم الأصلي، في حين بدأت شركات البناء في البحث عن عمال جدد في الصين وفيتنام ودول أخرى، وذلك تجنبا لخطر توقف المشاريع الموجودة حاليا بالمنطقة، والتي تقدر قيمتها بـ 1,9 ترليون دولار».

وأوردت الدراسة بعض أرقام المقارنة المستقاة من سوقي الأمارات والهند. فقبل خمسة أعوام، وفقا لتلك الدراسة، «كان أجر عامل البناء الهندي في الإمارات يعادل أربعة أضعاف الأجر في الهند». لكن قبل عامين ونصف، «كان عامل البناء غير الماهر يتقاضى 600 درهم، أي ما يعادل 7200 روبية هندية، لكن بعد التطورات الاقتصادية المتسارعة التي تعيشها البلاد بسبب التضخم، فإن هذا الأجر بات لا يتجاوز ما يعادل 6700 روبية».

ربما يحاول البعض دحض تلك المخاوف بالقول إنها نتاج طبيعي لمعدلات النمو العالية التي تحققها المنطقة. فمن المعروف، أنه باستثناء الصين والهند، حققت الاقتصادات الخليجية أعلى معدل للنمو في العالم في الأعوام 2006 و2007، إذ سجلت معدلات نمو غير مسبوقة في هذين العامين تراوحت بين 6 في المئة و7 في المئة.

لكن الأمر المخيف، وكما تقول دراسة حديثة أعدتها الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي ونشرتها صحيفة «القبس» الكويتية، فإن «المستويات الحقيقية للتضخم في دول الخليج تتراوح ما بين 50 في المئة و100 في المئة، بالمقارنة مع الأرقام الرسمية المعلنة، إذ إن التضخم المعلن في قطر يبلغ 14 في المئة، لكن النسبة الحقيقية تصل إلى 20 في المئة وفي الإمارات يبلغ التضخم المعلن 9 في المئة، إلا أن النسبة الحقيقية تبلغ 15 في المئة، أما في المملكة العربية السعودية فالتضخم المعلن يبلغ 5 في المئة، لكن الرقم الحقيقي يصل إلى 9 في المئة.

الأمر المهم على هذا الصعيد هو أن التضخم لن يكون ظاهرة عرضية. هذا ما يؤكده تقرير صدر مؤخرا عن «بيت الاستثمار العالمي - البحرين» ، (غلوبل هاوس) حين حذر من أن «ظاهرة التضخم في دول المنطقة ليست مؤقته بل ستطول لفترات زمنية طويلة وعلى مواطني دول الخليج العربية التعايش معها ما استطاعوا ذلك». وأشار التقرير الاقتصادي الذي صدر بعنوان: «التضخم في دول الخليج العربية... الظاهرة ليست مفاجئة وحلها بيد الحكومات» إلى أن «التدابير التي تتخذها دول الخليج لمحاربتها كزيادة دعم السلع ورفع الرواتب ووضع قيود على معدلات رفع الإيجارات، هي تدابير غير مجدية؛ وربما ستزيد من الطلب الاستهلاكي والخدمات ما سيؤدي بالنتيجة إلى رفع معدلات التضخم بطريقة غير مباشرة».

يضاعف من سرعة تنامي معدلات التضخم، ويعيق سياسات التحكم فيها وضبطها ارتباط عملات معظم دول المنطقة بالدولار. إذ إن استمرار الضعف الحالي للدولار بسبب ارتفاع فاتورة الواردات، وهو ما سيستمر بالانعكاس سلبا على مستويات التضخم الخليجية في العام 2008. وتبرز حدة مشكلة انعكاس أثر تراجع قيمة الدولار على التضخم، عندما نعرف أن نحو 35 في المئة من واردات دول مجلس التعاون الخليجي هي من أوروبا، وأن نسبة الواردات من الولايات المتحدة لا تشكل أكثر من 10 في المئة.

ما حصل مع اليد العاملة الهندية من الطبيعي أن يتكرر مع جنسيات اخرى، فنحن نعيش في سوق عالمية متكاملة، لذلك من الخطأ، كما نسمع اليوم، الهرب من السوق الهندية إلى أسواق أخرى، التي لن تكون أكثر من مهدئات مؤقتة، لمرض عضال يستشري في أوصال أسواقنا المحلية، التي باتت بحاجة لحل جذري متكامل لمشكلة العمالة المستوردة، بغض النظر عن جنسياتها.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2077 - الثلثاء 13 مايو 2008م الموافق 07 جمادى الأولى 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً