استشرى الفيل الأبيض في أرجاء المملكة، خاذلا السجناء الثمانية المحتجزين في المملكة العربية السعودية، اذ نجد أن الكثيرين غير مهتمين بقضية الثمانية، وهناك من يجهل تماما قصة الثمانية. ولنفهم ارتباط الفيل الأبيض بالثمانية وبالشارع البحريني لابد لنا من سرد قصة الفيل الأبيض.
وقع الفيل الأبيض الصغير أسيرا لفخ الصيادين في افريقيا، وبيع في الأسواق لرجل ثري يملك حديقة حيوانات متكاملة، وبدأ المالك على الفور بارسال الفيل الصغير الى بيته، وأطلق عليه اسم «نيلسون»، وعندما وصل المالك مع «نيلسون» قام عمال هذا الرجل الثري بربط أحد أرجل «نيلسون» بسلسلة حديدية قوية، وفي نهاية هذه السلسلة وضعوا كرة الحديد والصلب، ووضعوا هذا الفيل البائس في مكان بعيد عن الحديقة، فشعر بغضب شديد من جراء هذه المعاملة القاسية، وعزم على تحرير نفسه من هذا الأسر، ولكنه كلما حاول أن يتحرك ويشد السلسلة الحديد كانت الأوجاع تزداد عليه، وما كان من بعد عدة محاولات الا أن يتعب وينام، وفي اليوم التالي يستيقظ ويفعل نفس الشيء لمحاولة تخليص نفسه، ولكن بلا جدوى.
ومع كثرة آلامه ومحاولاته وفشله، قرر «نيلسون» أن يتقبل الواقع، ولم يحاول تخليص نفسه مرة أخرى على رغم ازدياد حجمه وقوته، وبهذا استطاع المالك أن يروض الفيل.
وفي احدى الليالي كان «نيلسون» نائما، فذهب المالك مع عماله وقاموا بتغيير الكرة الحديدية الكبيرة لكرة صغيرة مصنوعة من الخشب، مما كان من الممكن أن تكون فرصة لنيلسون في تخليص نفسه من الأسر، ولكن ما حدث هو العكس تماما. فقد تبرمج الفيل الأبيض على أن محاولاته ستبوء بالفشل وتسبب له الآلام والجراح، وكان مالكه يعلم بذلك.
وفي يوم زار فتى صغير مع والدته حديقة المالك الثري، وسأله عن سبب عدم تخليص «نيلسون» نفسه من الأسر على الرغم من وجود الكرة الخشبية، التي لا تعيقه عن الهروب؟ فرد المالك: بالفعل «نيلسون» قوي جدا ويستطيع تخليص نفسه في أي وقت، ولكنه لا يعرف ذلك؛ فهو لا يعرف مدى قدرته الذاتية على تغيير الحدث لأنه تبرمج برمجة سلبية في «عدم القدرة على تغيير الأحداث».
كثير من البحرينيين يشابهون الفيل «نيلسون»، في ظنهم بعدم قدرتهم على تغيير الأحداث، بسبب الاحباطات التي يواجهونها في حياتهم اليومية، مثل الديون وغلاء المعيشة وفواتير الكهرباء والهاتف التي أهلكتهم، وجعلتهم مبرمجين بطريقة سلبية حتى باتت الأحداث الأخرى المهمة غير مهمة في نوتاتهم اليومية!
ان الإخوة البحرينيين الثمانية المحتجزين في احدى سجون المملكة العربية السعودية ينتظرون منا الهمة، والضغط على أولي الأمر لإطلاق سراحهم، ورجوعهم الى أهلهم و ديارهم.
وكما انهم واثقون بتغيير الشارع البحريني الى الأفضل، وبرمجة القدرات السلبية الى قدرات موجبة تساعدهم على الخروج من المأزق الذي هم فيه، فكل واحد منهم لديه أسرته وحياته المشتاقة له.
يجب أن يفكر كل بحريني في هؤلاء الشباب الثمانية ومصيرهم المجهول في تلك السجون، وأن يضع كل بحريني نفسه مكان الاخوة الثمانية، حتى يتحرك ويحرك الآخرين باتجاه حل هذه القضية.
نتمنى من المسئولين في المملكة العربية السعودية أن يقوموا بمحاكمة الشباب الثمانية، فإما مذنبين بدلائل ويحاسبوهم، أو مظلومين وبريئين فيطلقوا سراحهم، وألا يجعلوهم مثل البيت الواقف الذي لا حول له ولا قوة؛ وخصوصا ان بقاءهم في الحجز طوال هذه المدة من دون محاكمة مخالف للأعراف الدولية والقوانين المحلية. ويفترض أن يكون هناك أشكال راقية للعلاقة بين دول مجلس التعاون، خاصة اننا نستنكر تغييب واضح للمعلومة حتى على الأطراف الرسمية.
إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"العدد 2077 - الثلثاء 13 مايو 2008م الموافق 07 جمادى الأولى 1429هـ