يتوقع أن تشهد الروابط الاقتصادية بين قطر والبحرين تقدما نوعيّا في المستقبل وذلك على خلفية توقيع عقد تصميم وبناء جسر يربط بين البلدين. وجاء توقيع العقد في إطار اجتماعات الدورة الثامنة للجنة العليا للتعاون المشترك بين قطر والبحرين التي عقدت في المنامة في مايو / أيار برئاسة ولي العهد البحريني الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة وولي العهد القطري الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
من جملة الأمور، شهد ولي العهد البحريني الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة ونظيره القطري الشيخ تميم بن حمد آل ثاني مراسم توقيع عقد تصميم وبناء الجسر بين ممثلين من مؤسسة جسر قطر - البحرين و مجموعة شركة «فنسي» العالمية للمقاولات. يشار إلى أن شركة «فنسي» الفرنسية تقود تحالف شركات المقاولات لبناء وتشييد الجسر.
ثلاث مراحل
من جهة أخرى، لم يتم الكشف عن كلفة إنشاء الجسر. لكن يعتقد أن طول الجسر سيكون في حدود 40 كيلومترا. ويتوقع ألا تقل الكلفة عن 3 مليارات دولار على أن تتحمل الحكومتان القطرية والبحرينية المبلغ مناصفة.
يبقى أن الكلفة النهائية قابلة للتغيير في ضوء اختيار المسارات والشوارع الفرعية فضلا عن التقلبات التي قد تحصل في قيم السلع والخدمات المرتبطة بعملية بناء الجسر.
وبحسب رئيس مجلس إدارة مؤسسة جسر قطر- البحرين أحمد حسن الحمادي، يتضمن العقد 3 مراحل.
بدأت المرحلة الأولى ومدتها 6 أشهر من تاريخ توقيع العقد في مايو وتشمل إعداد التصاميم والخرائط والرسومات لمشروعات الجسر والقطار.
أما المرحلة الثانية فهي عبارة عن مراجعة التصاميم المقدمة والرسومات وإجراء التعديلات اللازمة ومدتها شهران.
والأهم من ذلك، سيتم التنفيذ الفعلي لبناء وتشييد الجسر والأعمال المدنية والإنشائية لخط القطار في المرحلة الثالثة. ويتوقع أن تبدأ المرحلة الأخيرة في نهاية العام الجاري وتستغرق نحو 51 شهرا من بدء التنفيذ. وعليه سيكون الجسر جاهزا للاستخدام في العام 2013.
فوائد محلية
يشترط العقد تعيين الفنيين من رعايا البلدين مع شركات الائتلاف للاستفادة من خبراتهم والخدمات المحلية المتاحة في كلا البلدين ومقاولي الباطن الذين تتوافر فيهم شروط الجودة والخبرة والإمكانات الفنية والمادية.
أيضا سيتم إفساح المجال للطلاب الدارسين في مجال الهندسة وبعض التخصصات الفنية المرتبطة من مواطني البلدين بالتدريب من خلال هذه الشركات. وعلى هذا الأساس، ستحصل بعض المؤسسات المحلية في كل من قطر والبحرين على فرص عمل، لكن لا تتوافر أرقام بهذا الخصوص. أيضا، من شأن بعض رعايا البلدين والمتخصصين في الهندسة الحصول على فرص ميدانية للتدريب العملي.
عقود ثنائية أخرى
إضافة إلى اتفاقية الجسر، تم توقيع مذكرة تفاهم بين غرفة تجارة وصناعة البحرين وغرفة تجارة وصناعة قطر بشأن تأسيس شركة تأمين مشتركة باسم شركة التكافل للتأمين القطرية البحرينية. كما تم كذلك توقيع مذكرة تفاهم للتعاون في المجال السياحي بين البلدين. وكان البلدان وقعا في جولات سابقة من اجتماعات اللجنة العليا للتعاون المشترك اتفاقيات أخرى تشمل شراكة في مجال تطوير الاستثمار العقاري. ويعتقد أن الاتفاقية بين كل من شركة «الديار» القطرية للاستثمار العقاري وشركة «العوالي» العقارية البحرينية تهدف إلى تطوير المناطق العقارية القريبة من محيط الجسر.
وبحسب الخطة المرسومة، سيربط الجسر أجزاء من جنوب شرق البحرين وشمال غرب قطر. أيضا وقع البلدان قبل فترة عى اتفاقية للنقل الجوي أو (الأجواء المفتوحة) الأمر الذي يفسح المجال أمام الناقلة الوطنية (طيران الخليج والقطرية) لتسيير أي عدد من الرحلات إلى البلد الآخر.
التبادل التجاري
عودة إلى الموضوع الأساس، يحمل مشروع الجسر بين طياته الكثير من الايجابيات وخصوصا للبحرين مثل الانفتاح على السوق القطرية الأكثر نموّا في المنطقة. يشار إلى أن الميزان التجاري بين البلدين يميل إلى صالح البحرين. فاستنادا إلى أرقام العام 2006، بلغت قيمة الصادرات البحرينية إلى قطر 133 مليون دولار. في المقابل قدرت قيمة الصادرات القطرية إلى البحرين أقل من 40 مليون دولار. كما أن التصدير إلى قطر سيعزز من الفرص الوظيفية للبحرينيين سواء عن طريق المحافظة على بعض الوظائف الموجودة فعلا أو إيجاد فرص جديدة. والحال نفسها تنطبق على التأثيرات الايجابية للمصروفات عند حدوث زيارات من رعايا قطر أو غيرهم إلى البحرين.
الاستفادة من النمو الاقتصادي القطري
بمقدور البحرين زيادة حجم صادراتها إلى قطر وذلك على خلفية النمو الاقتصادي الذي تشهده قطر. وبحسب مجلة «ميد» المتخصصة في اقتصادات دول منطقة الشرق الأوسط، تبلغ نسبة النمو الاقتصادي في قطر نحو 10 في المئة بالأسعار الثابتة (وأعلى بكثير بالأسعار الجارية). المعروف أن الاقتصاد القطري يعاني من أزمة تضخم بسبب النمو الاقتصادي المتميز. بلغت نسبة التضخم نحو 14 في المئة في الربع الأخير من العام 2007.
خلافا للاقتصاد القطري، يمر الاقتصاد البحريني بأزمة بطالة خانقة تبلغ نحو 8 في المئة في أوساط القوى العاملة الوطنية. في المقابل يوفر التقارب الاقتصادي بين البلدين فرصة للعمالة البحرينية للعمل في قطر. بل إن ذهاب بعض البحرينيين للعمل في قطر يخدم الاقتصاد القطري الذي بدوره بحاجة إلى عمالة لمواجهة الطلب.
ختاما ينصب ما تم الاتفاق عليه بين قطر والبحرين في مصلحة مسيرة التكامل الاقتصادي بين دول مجلس التعاون الخليجي. تندرج الاتفاقيات بين قطر والبحرين في خانة السوق المشتركة. يرتكز مفهوم السوق المشتركة على منح وسائل الإنتاج مطلق الحركة في التنقل بين الدول الأعضاء.
بدأت دول مجلس التعاون بتنفيذ متطلبات السوق المشتركة بين الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي في مطلع العام 2008. باختصار ما يحدث بين قطر والبحرين عبارة عن تطبيق فعلي لمبادئ السوق المشتركة الخليجية.
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 2076 - الإثنين 12 مايو 2008م الموافق 06 جمادى الأولى 1429هـ