جمعية الشفافية البحرينية انتخبت مجلس إدارتها الجديد الأسبوع الماضي، والمتتبع لنشاطات الجمعية في الماضي شهد تموجّات في الظهور والضمور، ولربما لايمكنننا أن نلوم الناشطين والمسئولين فيها سابقا او حاليا عن ما حدث من التباسات وتراجعات، لأن موضوع الشفافية يتعلّق بقضايا حسّاسة جدا تتعلق بمكافحة الفساد والمفسدين. فالفساد لايمكن إيقافه عبر تقارير من الجمعية أو عبر تقارير صحافية، وحتى الآليات والتشريعات الخاصة بمنع الرشى والاختلاسات لاتكفي لمنع حدوث الفساد.
حاليا لدينا ديوان الرقابة المالية، والديوان أدى دورا محمودا في الفترة الماضية، آخذين بعين الاعتبار الوضع الذي نعيشه. ويبدو أن ديوان الرقابة ركّز على مناقشة الإجراءات وطرح بعض الإشارات هنا وهناك عن بعض الممارسات الفاسدة، من دون الدخول في تسمية الأشخاص أو المؤسسات، وهو أمر مفهوم إلى حد ما.
لدينا أيضا مجلس المناقصات الذي يشرف عليه أشخاص مشهود لهم بالنظافة السياسية، وتمكّن المجلس أيضا من حماية جانب من المال العام... ولكن منع الفساد لايتم من خلال المجلس لوحده، رغم أنه يسهم بصورة إيجابية في منع حدوث جانب منه.
ومنذ ثلاث سنوات والحديث يتكرر بشأن مطالبة الحكومة توقيع واعتماد الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد الصادرة عن الأمم المتحدة، ولكن حتى لو اعتمدت الاتفاقية فإنها ستوفر إطارا تشريعيا نظريا (وهو أمر مهم ويجب حدوثه)، فيما ستبقى ممارسات الفساد تطل علينا بين فترة وأخرى، وماحدث في قضية «ألبا – ألكوا» ماهو إلا جزء يسير من أمور لانعلم تفاصيلها المرعبة.
إن كل ماحدث الآن مهم، ولكن الأهم هو ربط الشفافية بالمصداقية، بمعنى تحقيق نتائج عملية ملموسة في مكافحة الفساد من خلال ردع فعلي لمَنْ يتعدّى على المال العام، كائنا من كان ذلك الشخص، أو تلك الجهة المعتدية على الحق العام. ولكي تتحقق هذه المصداقية، فإننا بحاجة إلى ثقافة رافضة للفساد بكلّ ألوانه، وبحاجة إلى إرادة صلبة تقف خلف الآليات والتشريعات التي تأسس بعضها، وربما يتأسس غيرها في المستقبل.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 2075 - الأحد 11 مايو 2008م الموافق 05 جمادى الأولى 1429هـ