لا نعرف لماذا أثارت الحكومة اللبنانية بشكل مفاجئ قضية كاميرات مطار بيروت وشبكة الاتصالات السلكية التي يستخدمها حزب الله في لبنان. هل كان لمعرفة رد فعل حزب الله؟ أم أن الحكومة اللبنانية سعت من هذه الخطوة إلى إضافة أوراق الى جعبتها تساعدها على المساومة عليها خلال المفاوضات المرتقبة بين الحكومة والمعارضة؟
المهم، أثارت الحكومة اللبنانية زوبعة لم تحسب نتائجها جيدا، فلبنان بعد 24 ساعة من القرار الحكومي يقف على شفا حرب أهلية قد تكون أقسى وأعنف من الحرب الأهلية السابقة التي عاشها اللبنانيون، كما أن حزب الله نجح في الفوز بجولة استعراض القوة بشكل لم يعد أمام الحكومة شكٌ في أن الحزب مستعد لتوجيه جماهيره ومسلحيه إلى الداخل اللبناني إذا ما حاولت هذه الحكومة المسّ بقوته العسكرية التي تمنحه ثقة للوقوف أمام «إسرائيل» التي مازالت تمثل تهديدا حقيقيا للبنان.
الغريب أن الحكومة بدت لا تعرف ما تفعل بعد تحرك حزب الله وكأنها لم تضع في حساباتها ما جرى، أو ربما ظنت أن حزب الله لن يتدخل بثقله لحل قضيتين قد تعتبرهما حكومة السنيورة بالإمكان حلهما عن طريق الحوار أو المساومات المتبادلة.
لقد نجحت الحكومة قبل قراراتها الأخيرة بشأن كاميرات مطار بيروت وشبكة الاتصالات السلكية التابعة لحزب الله في أن تكسب الرأي العام العربي والمحلي لغرض انتخاب رئيس جديد للبنان، ولكنها فقدت هذه المكاسب بعد هذين القرارين لتتحول إلى الجهة المدافعة بعد أن كان موقعها المهاجم يؤهلها لتحقيق أهداف على الأرض.
إن ما تردد أمس في لبنان أن الحكومة قد تقدم استقالتها لا يمكن ان يكون حلا بقدر ما سيكون مشكلة جديدة تضاف إلى مشكلات لبنان المعقدة. فإذا ما استقالت الحكومة فقد تدخل الدولة اللبنانية في نفق مظلم من غير السهل الخروج منه.
ومثلما تعد استقالة الحكومة خطوة ليست بالاتجاه الصحيح، فمحاولات جماعة 14 آذار تحميل الجيش اللبناني مسئولية حفظ الأمن وإنهاء «الانقلاب العسكري» لحزب الله - كما تسميه الجماعة - لا يمكن أن يصب في اتجاه نزع فتيل الأزمة باعتبار ان هذا التحرك يحمل معه الكثير من المخاطر وقد يشكل خيارا خاسرا لكل اللبنانيين.
حكومة السنيورة فقدت المبادرة وعليها الآن تدارك ما يمكن تداركه؛ إعادة للوضع إلى ما هو عليه، ربما من خلال التراجع عن قرارها والعمل على ألا تكون ناطقة باسم جهة دون أخرى لتكون حينها فعلا حكومة لكل اللبنانيين.
إقرأ أيضا لـ "علي الشريفي"العدد 2073 - الجمعة 09 مايو 2008م الموافق 03 جمادى الأولى 1429هـ