على رغم ان الحوادث اللبنانية طغت على كل الاخبار خلال الايام الماضية، وعلى رغم ان «اسرائيل» معنية بالحدث اللبناني ومستفيدة منه، وعلى رغم ان الاسرائيليين يحتفلون هذه الايام بمرور 60 عاما على احتلالهم لفلسطين، على رغم كل ذلك، فقد شنت صحف اسرائيلية يوم أمس هجوما على رئيس الوزراء إيهود أولمرت ودعته الى تقديم الاستقالة بعد ان اتضح انه تسلم مبالغ نقدية من رجل اعمال اميركي لمدة عشر سنوات، وبعد ان أكدت مصادر قانونية ان أولمرت حصل على مئات الالاف من الدولارات من ممول في نيويورك. أولمرت من جانبه قال إنه سيتنحى اذا سجل الادعاء العام قضية ضده.
ويوم امس الأول ايضا كانت شركة «الكوا» الاميركية، وهي ثالث اكبر منتج للالمنيوم في العالم، ترتجف بسبب احتجاجات لصندوق تقاعد اميركي لديه اسهم في الشركة. وقام هذاالصندوق بتسجيل دعوى مدنية ضد رئيس الشركة والرئيس التنفيذي واعضاء مجلس الادارة بالاضافة الى وسيطين ذكرتهما شركة «ألبا» في الدعوى التي سجلتها في ولاية بينسلفانيا الأميركية نهاية فبراير/ شباط الماضي وقالت فيها ان «ألكوا» تسببت في خسائر فادحة لشركة «ألبا» تقدر باكثر من ملياري دولار، وذلك لانها (أي شركة ألكوا) باعت على «ألبا» مادة الالومينا بسعر أعلى من السوق لمدة 15 عاما مقابل ان تدفع «ألكوا» رشا الى مسئول حكومي بحريني سابق .
وزارة العدل الاميركية فتحت تحقيقا جنائيا في الاتهامات التي وجهتها «ألبا» ضد «ألكوا» في مارس/ اذار الماضي، والمحكمة الاميركية التي بدأت النظر في الدعوى المدنية أوقفت اعمالها مؤقتا، لأن وزارة العدل الاميركية قد ترفع القضية من الحق الخاص (دعوى مدنية) الى الحق العام (دعوى جنائية).
يحسب لشركة «ممتلكات» التي تشرف على «ألبا» تقدمها بشكوى خطيرة من هذا النوع قد تمس أشخاصا كانوا - وربما مازالوا - يعتبرون أنفسهم فوق القانون وفوق المحاسبة. كما يحسب لشركة «كرول» التي وكلتها «ممتلكات» لكشف ملفات و «بصمات» الفساد انها استطاعت ان تجمع وثائق تكفي لتسجيل قضية في محكمة أميركية ضد واحدة من أكبر الشركات الأميركية. ونأمل ان نرى اليوم الذي يتمكن القضاء البحريني أيضا القيام بالدور ذاته . فشركة «ألبا» تساهم بجزء مهم من الناتج الوطني البحريني، وحمايتها من المتلاعبين والفاسدين واجب سلطات الدولة جميعها.
ان مكافحة الفساد أولوية تعلو فوق كل الأولويات الاخرى، وليس هناك اي حدث او قضية اخرى يمكنها ان تشوش على جهود مكافحة الفساد في البلدان التي تحافظ على ثرواتها الوطنية وتمنع فساد المسئولين فيها... وإذا كنا سنأخذ الحكمة من أي طرف كان، فلنلاحظ «اسرائيل»، وكيف يتعاملون مع موضوع اقل خطورة بمرات عدة من الموضوع المتداول في قضية «ألكوا- ألبا».
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 2073 - الجمعة 09 مايو 2008م الموافق 03 جمادى الأولى 1429هـ