طالعتنا جمعية الصحفيين البحرينية مع الثالث من مايو/ أيار وهو اليوم العالم لحرية الصحافة بمشروعها الجديد ميثاق “صحفيون ضد الطائفية”، كفكرة المشروع جيد، إلا أن التطبيق سيكون صعبا، وسيكون أشبه بولادة ميتة لبنود غير ملزمة وغير فاعلة وغير صادقة في ذاتها، إلا أنها جاءت ضمن احتفاليات اليوم العالمي لحرية الصحافة، والذي يستوجب إيجاد شيء جديد حتى لا يمر هذا اليوم كغيره من الأيام.
كلنا يعلم أين تكمن الطائفية في صحافتنا، وكلنا أيضا يعلم بأن عددا من الطائفيين وقعوا على هذه العريضة، وكلنا أيضا يعلم بأن الطائفية ليست في المذاهب فقط بل في التفكير والأيدولوجية التي تتبعها صحف في إقصاء الآخرين والتهجم عليهم والتصيد في المياه العكرة من أجل تشويه صور آخرين وغيرها من الأمور غير المهنية التي تعيشها صحافتنا يوميا، وحتى إذاعتنا وتلفازنا الذي عاش ويعيش على إبراز المظاهر الطائفية في برامجه.
نتمنى أن تكون هذه الوثيقة بداية حقيقية لمشروع مستقبلي يعمل على اجتثاث الطائفيين والإقصائيين والمتسلقين من صحافتنا لترتقي بجد لا بالشعارات، كلنا يتمنى أن يكون إعلامنا هادفا وبناء يرتقي بالمجتمع لا يزيده كرها وحقدا وانحطاطا، كلنا يتمنى أن تكون الصحافة لاعبا أساسيا في تعزيز الثقة بين أبناء الوطن الواحد وزيادة اللحمة بين مختلف الشرائح، وتعميق الروابط الأخوية والأسرية وتوحيد الصفوف من أجل وطن خالي من التفرقة والتمييز، قائم على مبدأ واحد هو أن “الدين لله والوطن للجميع”.
تعجبت كثيرا وأنا أقف أمام هذه العبارة التي وردت في الوثيقة والتي تقول “إننا سنبدي مواقف واضحة ومعلنة في رفض أي منتوج إعلامي أو صحافي يكون ممهورا بالتعصب الديني لأية ديانة من الديانات أو مُركزا لتعزيز التفرقة الطائفية والفرز الطائفي والذي من شأنه الإضرار بوحدة أبناء البحرين الوطنية”، وأتساءل كيف سيكون ذلك؟ فهل لو قامت صحيفة (...) بالكتابة الطائفية ضد جماعة أو شريحة من المجتمع ستصدر جمعية الصحفيين على أقل التقديرات بيانا استنكاريا لحفظ ماء الوجه فقط، وماذا ستفعل جمعية الصحفيين أمام اعتداءات تلك الصحفية التي اعتادت على المسّ بطائفة بذاتها في كتاباتها ولقاءاتها التلفزيونية عبر قناتنا الفضائية “اللاطائفية”.
سؤال بسيط للقائمين على جمعية الصحفيين ويستحق الإجابة والتوضيح، كيف ستقف الجمعية أمام تلك المهاترات الطائفية التي تقوم بها بعض الصحف يوميا، ويتفنن في صياغتها بعض كتاب الأعمدة، وخصوصا إذا كانت تلك الصحيفة قد تكون من أعمدة الجمعية وقياداتها.
نحتاج إلى برهان ودليل حقيقي وواقعي، يبرهن لنا بأن الجمعية صادقة في مشروعها الجديد، وألا يكون هذا المشروع للاستعراض والبهرجة الإعلامية احتفالا بمناسبة اليوم العالمي للصحافة، ليكون حاله حال الكثير من المشروعات الميتة، وحتى لا يحتاج هذا المشروع إلى عملية قيصرية لإنقاذه وإدخاله في غيبوبة طويلة المدى قد لا نستذكرها إلا العام المقبل بولادة مشروع جديد، وقراءة الفاتحة على مشروع مات لحظة ولادته.
إقرأ أيضا لـ "هاني الفردان"العدد 2072 - الخميس 08 مايو 2008م الموافق 02 جمادى الأولى 1429هـ