صحيفة «حريت» التركية نشرت أمس الأول (الثلثاء) على موقعها الإلكتروني نص مرافعة الدفاع المقدمة من رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان ردا على دعوى إغلاق الحزب الذي يتزعمه (العدالة والتنمية الحاكم - توجه إسلامي)، ومنع 71 من قياداته في مقدمتهم رئيس الجمهورية عبدالله غول بالإضافة إلى أردوغان من ممارسة مهامهم السياسية بسبب ما قيل عن تقويضهم مبدأ العلمانية، وهو الركن الأساس في دستور جمهورية تركيا الحديثة.
وبحسب الموقع فإن رئيس الوزراء رفض تسمية المرافعة دفاعا، بل اعتبرها «إجابات» عن دعوى المدعي العام التركي المرفوعة إلى المحكمة الدستورية منذ مارس/ آذار الماضي.
دافع أردوغان في «إجاباته» عن 61 فِقرة أوردها المدعي العام على أنها تعارض العلمانية في تركيا، وفي مقدمتها محاولة الحزب السماح للطالبات بارتداء الحجاب داخل الجامعات.
على مدى عقود ثلاثة تعود الأتراك أن يروا انقلابا عسكريا كل عشر سنوات ابتداء من العام 1950 حتى العام 1980. ولأن الانقلابات العسكرية صارت مستحيلة في المجتمعات الديمقراطية بدأت الأحزاب الرافضة للتيارات الاسلامية تلجأ شيئا فشيئا للانقلابات القضائية التي بدأت أول ملامحها تظهر منذ العام 1998، ولكن اردوغان - الذي كان قد منع من العمل السياسي قبل أعوام - يبدو هذه المرة مستعدا لاحتمالات حظر حزبه أكثر من المرة السابقة، وخصوصا بعد أن جرّب العمل السياسي غير المباشر مع زميله القديم عبدالله غول.
فأردوغان الذي كان ممنوعا من العمل السياسي قبل تسلمه مهام الوزارة الحالية عرف كيف يؤسس حزبا ويأتمن غول على رئاسته لحين رفع الحظر عنه والعودة الى زعامة الحزب، وهو السيناريو الذي من المتوقع ان يعيده في حال قررت المحكمة ادانته مع الحزب وقياداته السياسية، ولكن التوقعات داخل تركيا تشير هذه المرة الى ان وزير الخارجية التركي علي باباجان هو من سيكون المؤتمن على الحزب الجديد لحين عودة أردوغان وزملائه للعمل السياسي من جديد بعد أن عرفوا ان الشعب يثق في معظم الأحيان بالشخوص السياسية التي تقف على رأس الأحزاب أو خلفها بغض النظر عن مسميات الاحزاب أو أهدافها المعلنة.
أردوغان بإنجازاته السياسية والاقتصادية على المستويين الداخلي والخارجي ونجاحه في استمالة المؤسسة العسكرية إلى جانبه في التعامل مع حزب العمال الكردستاني قد تجاوز الكثير من المراحل التي تجعل منه سياسيا من طراز متقدم لا يختلف كثيرا عن سياسيي تركيا الكبار خلال العقود الماضية أمثال سليمان دميرال وبولند أجويد وتورغوت اوزال ونجم الدين أربكان وغيرهم.
من المرجح أن يعود أردوغان للحكم حتى لو أدانته المحكمة، غير أن عودته تبقى مرهونة بمدى الوفاء بوعوده التي قطعها لناخبيه على رغم ضغوط الاحزاب المنافسة، فهو مازال يرفض التنازل لخصومه السياسيين في حظر الحجاب داخل الجامعات ويحاول استمالة الأكراد الأتراك على أمل أن يعود ومعه عدد من المقاعد تؤهله لتغيير الكثير من بنود الدستور الذي مازال سلاحا فاعلا بيد منافسيه.
إقرأ أيضا لـ "علي الشريفي"العدد 2071 - الأربعاء 07 مايو 2008م الموافق 01 جمادى الأولى 1429هـ