إنّ ازدهار المجتمعات ونموها تقوم على الإضافة والتعديل لعاداتها وتقاليدها... وما يتماشى مع الحاضر والتجديد الملازم للحياة.
وفي مجتمعاتنا الشرقية توجد الكثير من العادات، والتي لم تعد صالحة للاستمرار فيها، لما فيها من هدر في الوقت والمال والجهد، ولا تتلاءم مع ظروف الحياة العصرية!
كمثل العادات التي مازالت قائمة في الاحتفالات عموما، خصوصا في التهيئة لحفلات الزواج...
فيما تطوّرت الوسائل التي تتفنن في استنزاف الأموال وبوجود دكاكين خاصة لعمل الكوشة والورود والمفارش لتنسيق الطاولات ولوازم الشيكولاته والحلويات وأخرى لعمل بطاقات قد تعتقد أنها دعوة ملكية لفخامتها! ومحلات للتصوير والموسيقى الصاخبة... الخ
كلّ هذه الأشياء يتحتم التداول فيها ومعها لعدة أشهر قبل حفلة الزفاف... وتصاحبها الكثير من الاجتماعات والمشتروات كلّ مَنْ يحاول أنْ يصرف من الأموال بما يتناسب مع مستوى الفشخرة التي يريد الظهور بها؟! ونرى أنّ الكثيرين قد يستلفون المال (لليلة العمر) هذه أو يضعون كل مدخراتهم فيها!
وقد لا يكون البيت جاهزا أو ينقصه الكثير للتجهيز له... أو قد لا يُوجد لديهم سكن أساسا! وكل ذلك لا يعيق الطريق إلى البذخ والصرف وحب المظاهر (غير الحقيقية) للإسراف على العرس!
وتستهلك هذه المظاهر طاقة العروسين والأهل (وللفشخرة والفشار) أصول! ويقوم البعض لممارستها وهم مغلوبون على أمرهم... ومضطرون لمماشاة المجتمع!
وقد يستمر الاحتفال لعدة أيام... وتصدح الموسيقى في مكبرات لتوزيع الضجيج بالتساوي على كلّ الجيران، ومن دون مراعاة لكبار السن أو الأطفال الذين قد يحرمون من النوم في تلك الأيام!
ومع الأسف الشديد أنّ أفراحنا مرتبطة بالضجيج والضوضاء العالية جدا وهي تفوق صوت أي نوع في محاولة لممارسة الأحاديث بين المدعوين فيجلسون في تلك الليلة وهم مضطرون إلى السكوت التام/ لصعوبة الحوار في انتظار العرسان للنزول (ومن دون وجود أيّ نوع من التسلية لشغل الوقت!) والذين يتأخرون بدورهم إلى ساعة متأخرة...
حينما يتفضلون بتقديم العشاء والذي قد يتسبب بالأرق أو التلبك المعوي بعدها... من مساوئ العشاء المتأخر!
كلّ ذلك علاوة على الكاشفات الضوئية والتصوير لتسجيل كلّ حركة وهمسة للضيوف وصرف الألوف الدنانير عليها... حيث تستقر بعدها في الأدراج... ولا يراها أحدٌ!
هو ذلك الطابع العام لمثل هذه الحفلات ملل وسهر وصور وضوضاء وضجيج بشهادة الجميع... بحيث أصبح الكثيرون يعتذرون عن المساهمة في هذا النوع من الأفراح! وحتى إن احتملوا كل ذلك فالأرق والتلبك المعوي سيكون في انتظارهم عند عودتهم للبيت!
وماذا بعد... أنني أحترم وأحسد الرجال حينما تكون الحفلة بسيطة يباركون ويشربون القهوة والشربت ثم بعدها «باي باي»!
من دون اثقال على بعضهم بعضا في الجلوس لساعات طوال والمعاناة الليلية كما يحدث في أعراس النساء أو المختلطة ولا توجد مكبرات ولا موسيقى ولا يحزنون!
فوقتهم ثمين ولا يضيعونه بأشياء لا صلة لها بالفرح... بتاتا
متى سنتعرف إلى نوعية الفرح، وما يفرج صوفينا... ومن قال: إنهم أتون لسماع الضوضاء والأكل في نهاية الليل!
لماذا لا يجرؤ أحدٌ على أنْ يتعامل بطريقة أكثر حضارية!
وبأن يقدم الطعام مبكرا وبإضاءة الشموع وبأن تعزف موسيقى هادئة رومانسية تتماشى مع رومانسية المناسبة السعيدة... والمساهمة في تسلية المدعوين بتمكنهم من التعرف إلى بضعهم بعضا!
ويحدد بعدها لمن يحبون السهر والرقص المتأخرة ولمحبي السهر!
لماذا كلّ وسائل التعذيب هذه! ولماذا لا يكون العروسان في انتظار ضيوفهم مع ابتداء موعد الاستقبال مبكرا لشكرهم على حضورهم وتقديم الاحترام والود لهم... كما يحدث في الغرب!
والدول المتقدّمة!... فما رأيكم!
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 2071 - الأربعاء 07 مايو 2008م الموافق 01 جمادى الأولى 1429هـ
