لا تغادرنا الصبية الأولى، لا تغادر ذاكرتنا، هي بالتحديد، صبية جبران خليل جبران حين يقول في الأجنحة المتكسرة، هي تلك الفتاة تلك التي دقت فينا أول معنى مغاير لمرحلة الصبا، إذ ينتهي عهد الاهتمام بلعب الأطفال، حين نبدأ اكتشاف ألعاب أخرى أكثر جاذبية.
الفتاة الأولى جميلة مهما كانت نواقصها، من منا يستطيع فعلا أن يتذكر وجه تلك الفتاة بقلق عيب واحد، هي الكمال في أول مخيال للأنثى عندنا، ومهما كان فعل «التذكر» هذا محرما أو محرجا، يستطيع كل واحد منا أن يتذكر تلك اللحظات الأولى من مشاهدات «الصبية الأولى» التي قد تكون أبنت ذلك الجار البدين التعيس أو تلك الفتاة التي تخرج مبكرة كل يوم من زاوية من زوايا شارع المنزل، تصغرنا أو تكبرنا، المهم أنها «الأنثى» الأولى التي سلبتنا الحياة الماضية، لتعطينا أمل الدخول إلى الحياة الجديدة.
الوجع في فعل التذكر لهذه الصبية هو أننا نفتقد هذه الصبية كثيرا، كم منا يعرف أين حطت بصبيته الأولى رحال العمر، وهل كانت تعلم أننا كنا نسامرها الحب والوله، وأنها كانت المعنى الأكثر طهرية فينا، أم أننا كنا نمارس شيئا مقاربا لعادات المراهقين.
لا يبقى من الصبية الأولى سوى شبحها الذي يلاحق أية لحظة شاردة منا، فتعود الذاكرة لها، دون سبب، نبتسم بهدوء، كل الأشياء تبدو هرمسية، تتملكنا تلك الصبية التي نتذكرها رغما عنا.
الذي ندركه ونعرف تمام المعرفة أنه يسيطر علينا هو أن هذا التذكر المحرم أقوى من أن نمنعه، نحن نتعايش معه بهدوء، وببساطة نحاول معها ألا نؤذي من نحب فعلا، هذه هي الصبية الأولى، فهو تتذكرونها الآن؟
العدد 2071 - الأربعاء 07 مايو 2008م الموافق 01 جمادى الأولى 1429هـ