العدد 2070 - الثلثاء 06 مايو 2008م الموافق 29 ربيع الثاني 1429هـ

رمتني بدائها وانسلت

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

لست في موقع دفاع عن موقف وزير شئون البلديات منصور بن رجب الذي خرج هو الآخر مبتسما إذا لم يكن ضاحكا، إذ لا يمكنني تبرئته من التهم الموجه إليه والحكم لدى اللجنة المالية والاقتصادية بمجلس النواب، ولكن أمتلك تحليلا وأزعم أنه كفيل بإحداث فرقعة لها تأثيرها الإيجابي والسلبي على الكثير من الأحداث والمجريات التي تتعلق بمسألة الاستجوابين الأخيرين، كما يعكس التحليل الذي سأسوقه إلى الكثير من التناقضات والمواقف المتباينة في مواقف الكتل الموالية - كعادتها - والتي تريد بمواقفها المعهودة أن تحرق البلد وتجلس على تله.

ألم يكن المستجوبون لوزير البلديات قد وجهوا تهما بالجملة له وربما على رأسها كما جاء في لائحة الاستجواب وتحديدا المحور الخامس المعنون بـ «الفشل في إدارة أزمة النظافة والتواصل مع المجالس البلدية»، حيث نرى من خلال المتابعات أن النواب المستجوبين قد لعبوا دور المدافع عن حماية البيئة من خلال حرصهم على نظافة البلد، حيث حمّلوا الوزير مسئولية ما شهدته البحرين خلال الأشهر الماضية من تدهور مستويات النظافة؛ مما أدى إلى تراكم أطنان من القمامة في عدد من المحافظات، الأمر الذي قد أدى كما يصفه المستجوبون إلى وقوع كارثة صحية خطيرة تهدد الصحة العامة؛ نتيجة لتفشي الأمراض والأوبئة، مشيرين إلى أن المادة 48 الفقرة أ من الدستور والتي تنص على وجوب إشراف كل وزير مباشرة على شئون وزارته ويقوم بتنفيذ السياسة العامة للحكومة، كما يرسم اتجاهات الوزارة ويشرف على تنفيذها.

يتضح مما سبق أن النواب المستجوبين للوزير في دفوعاتهم أن الوزير قد فشل وقصّر في إدارة أزمة النظافة لعدم تعاونه مع المقاول المختص وتفعيل مواد أحكام عقد النظافة بين الوزارة والمقاول، كما فشل في تواصله مع المجالس البلدية والبلديات، بالإضافة إلى تأخره في وضع حلول سريعة وحاسمة للحد من التدهور الخطير في مستوى النظافة في مملكة البحرين.

أذكر القارئ الكريم من جديد بأنني لست بصدد الدفاع، كما لا أريد الهجوم على أحد، ولكن أريد أن أصل إلى الحقيقة الغائبة وأبيّنها، والحكم سيكون آخر المقال، وخصوصا المتابعين لربما ربطوا الخيوط ببعضها بعضا ووجدوا بأعينهم المكايل التي تستخدم.

أنقلكم الآن إلى إحدى المرافعات التي ساقتها «الوفاق» عند استجوابها لوزير شئون مجلس الوزراء الشيخ أحمد بن عطية الله كأحد التهم الموجه إليه، والتي لم تلق أي صدى إيجابي من قبل المناورين السياسيين أقصد الطارئين على الساحة السياسية، كتل الموالاة والتي نصّبت نفسها مدافعين عن الوزير بل غالى البعض عندما وقف موقف المدافع عن الوزير والمهاجم للمستجوبين، نسوا حينها أنهم نواب منتخبون وليسوا شوريين معينين، بل أخذهم الغلو إلى مستوى أن يترك المتسبب ويعطى صكّ البراءة شفقة عليه وتعاطفا معه، وخوفا على المصالح المهددة، وأسباب أخرى نستقرئها كلما أخذتنا الأحداث وصرنا نتوغل أكثر في المستقبل فمهندس ملف الانتخابات والمشروعات المستقبلية اليوم يحتاج إلى دفاع ودعم.

التهمة الموجهة لوزير البلديات التي تتعلق بالنظافة، ما ينبغي أن توجه له، وأقول من هذا المنطلق للحريصين على نظافة البلد والذين تهمهم نظافة البلد وجماله عليكم أن تحاسبوا أولا المسئول الأول الذي ضلل وأخفى المعلومات المهمة عن الجهات الرسمية والتي في ضوئها تبنى خطط التنمية، وقدم أرقاما وحقائق مزيفة جعلتهم يخططون بصورة غير دقيقة؛ مما تسبب في إحداث أوضاع كارثية ليس أقلها أن نتعرض لمشكلة النظافة وتكدس النفايات كأكوام في الشوارع والأحياء السكنية.

ما ذهبت إليه «الوفاق» كأحد الجرائم التي تسبب بها الوزير المستجوب نتيجة غياب الرقم الصحيح لعدد السكان كانت مشكلة النظافة حيث يقدر متوسط حجم النفاية لكل فرد في مملكة البحرين بنحو كيلو ونصف، ومع زيادة 300000 نسمة، بصورة مفاجئة بلا حساب، فستعاني البحرين بطبيعة الحال من خلال حسبة بسيطة من 450000 كيلو من النفايات يوميا، لم يتم إدراجها ضمن خطة النظافة، ما أدى الإهمال والتقصير في تزويد الجهات الرسمية بالأرقام الدقيقة إلى القمامة. والقضية يا سادة يا كرام صارت تلف وتدور حول محورها وكل واحد يدلي بدلوه إلى أن انكشف السر، فتارة نتهم المجالس البلدية، وتارة نوجه أصابع الاتهام إلى شركات النظافة، وذهبنا بعيدا واضطررنا أن نؤلف مسرحية لاستجواب وزير البلديات بحجة النظافة، في حين أن السبب الرئيس وراء القضايا التنموية العالقة بسبب تولي ما لم ينفع التنمية في شيء في مكان غير مكانه الصحيح، ألم أقل «رمتني بدائها وانسلت».

وبعد أن عرفنا أن الكتل الموالية أكثر حرصا من غيرها من الكتل الأخرى على نظافة البلد، وبعد أن عرفنا أن قصة الرقم الصحيح للسكان كان أحد أبرز أسباب مشكلة النظافة وهروب شركات النظافة وإلغائها مناقصاتها بعد أن تفاجأوا بالرقم الجديد للسكان وما مناقصة الشركة الفرنسية (فيولا) عنا ببعيدة، فهل سنظل نوجّه أسهمنا لوزير البلديات، ونتهمه على ذنب لم يقترفه، ونترك غيره يسرح ويمرح، أم نتحفّظ على التصويب هذه المرة لغايات لا يمكن الإفصاح عنها؟

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 2070 - الثلثاء 06 مايو 2008م الموافق 29 ربيع الثاني 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً