استوقفني قبل يومين خبر عرض رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم الفرنسي ميشيل بلاتيني للكرة التي ستلعب بها بطولة الأمم الأوروبية التي تستضيفها سويسرا والنمسا مناصفة الصيف المقبل.
بلاتيني عرض الكرة الجديدة إيذانا ببدء العد التنازلي لانطلاقة البطولة القارية الأقوى على مستوى العالم.
ما استوقفني في هذا الخبر ليس عرض الكرة الجديدة وإنما استوقفني بلاتيني نفسه من خلال تبوئه رئاسة أهم اتحاد رياضي قاري وهو مؤهل أيضا لرئاسة الاتحاد الدولي للعبة.
ميشيل بلاتيني لم يكن سياسيا ولا تاجرا ولا ابن عائلة أوروبية مشهورة لكي يتبوأ مثل هذا المنصب القاري والعالمي المهم، وإنما كان رياضيا ولاعبا لامعا على مستوى كرة القدم الفرنسية والعالمية، وهو إلى جانب البطل الجزائري الفرنسي زين الدين زيدان أشهر من أنجبتهم كرة القدم الفرنسية.
بلاتيني الذي قاد فرنسا للفوز ببطولة أمم أوروبا في العام 1984 تحول إلى مدرب للمنتخب الفرنسي قاده لانتصارات متتالية قبل أن يترك المنتخب والتدريب عموما ويتجه للمجال الإداري.
أمثال بلاتيني إلى جانب القيصر الألماني فرانس بيكنباور قد يكونون أبرز القيادات الرياضية التي تمكنت من التدرج بالشكل الصحيح وعملت في مختلف المواقع واستحقت مكانتها بكل تقدير، لذلك فإنها تعمل في مواقعها الصحيحة وهي قادرة على الإدارة بكل امتياز.
في الدول المتقدمة عموما وفي أوروبا خصوصا تحترم الكفاءات وتحصل على حقها من التقدير بتبوئها أهم المراكز الرياضية في بلدانها بغض النظر عن أي عوامل أخرى على عكس ما هو موجود في مختلف الدول العربية ومنها البحرين.
هناك القيادات الرياضية هي قيادات رياضية فعلا نشأت في الرياضة وانتهت فيها، ولم تكن في لحظة من اللحظات قيادات سياسية أو عائلية أو قبلية لذلك فإن الرياضة لديهم ليست كما هي لدينا.
المشكلة الأزلية أن مجمل الدول النامية من الضروري أن تكون أهم القيادات الرياضية فيها من السياسيين ومن أصحاب النفوذ والأموال لكي يتمكنوا من جلب الواسطات والامتيازات لأنديتهم واتحاداتهم، في حين أن الرياضيين الحقيقيين مهمشون تماما في الدول النامية، وهم مجرد لاعبين انتهى زمانهم ورحلوا وسيقدم غيرهم، في حين أن إدارة كفة الرياضة هي مسئولية أفراد ليس لهم أية علاقة بالرياضة يستخدمونها في الأساس لتلميع صورتهم وللظهور في وسائل الاعلام.
مع ذلك نسعى كما نقول إلى التطوير الرياضي الذي لن نصل إليه أبدا في ظل العقليات الموجودة، وستستمر الدول الأوروبية في التقدم رياضيا أكثر وأكثر، في حين سنستمر نحن في التراجع ليس بأيدينا وإنما بأيدي الواقع الذي يحكمنا، فلو ترأس أي رياضي متمكن في أي من الدول النامية أو الدول العربية اتحادا أو ناديا في بلاده فإن هذا الاتحاد سيفلس وسيحارب وستكون نهايته الفشل الذريع؛ لأن ما يحكم هذه الاتحادات والأندية ليس القوانين والأنظمة وإنما النفوذ والمال ومن دونهما لا مجال للعمل الرياضي!
إقرأ أيضا لـ "محمد عباس"العدد 2069 - الإثنين 05 مايو 2008م الموافق 28 ربيع الثاني 1429هـ