العدد 2069 - الإثنين 05 مايو 2008م الموافق 28 ربيع الثاني 1429هـ

سوء معاملة العمالة الوافدة

جاسم حسين jasim.hussain [at] alwasatnews.com

يعد موضوع حقوق أو انتهاك حقوق العمالة الوافدة في دول مجلس التعاون الخليجي في غاية الأهمية نظرا إلى استخدام بعض الدول والمنظمات العالمية مثل منظمة العمل الدولية ورقة معاملة العمالة الوافدة للضغط على دول مجلس التعاون قبل توقيع اتفاقات اقتصادية.

على سبيل المثال، تضغط الولايات المتحدة على الإمارات العربية المتحدة باتجاه تحسين ظروف عمل العمالة الوافدة شرطا لإجراء مفاوضات نهائية لتوقيع اتفاق للتجارة الحرة بين البلدين.

البحرين تحسن المعاملة مع العمالة الوافدة

وكانت مملكة البحرين عملت على تحسين قوانين العمل المتعلقة بالعمالة الوافدة قبل دخول اتفاق التجارة الحرة الثنائية حيز التنفيذ في أغسطس/ آب من العام 2006. من جملة الأمور، وافقت البحرين على إلغاء شرط وجود كفيل محلي للعامل الأجنبي. ومن المنتظر أن يتم العمل بالتعديل في وقت لاحق من العام الجاري.

بدورها وافقت سلطنة عمان على الشروط الأميركية المتعقلة بحظر توظيف الأحداث وذلك قبل قيام الكونغرس بالتصويت على مقترح اتفاق للتجارة الحرة في صيف العام 2006.

وتشكل العمالة الأجنبية الغالبية المطلقة للقوى العاملة في كل دول مجلس التعاون بلا استثناء. بيدَ أن هناك تفاوتا في الإحصاءات إذ تزيد على 80 في المئة بالنسبة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة لكنها تقل عن 60 في المئة في المملكة العربية السعودية. إلا أن هذه الحقائق لا تشفع للعمال الأجانب إذ يتعرض عدد غير قليل منهم لأبشع صور الاستغلال، نشير إلى بعضها في الفقرات الآتية:

تأخير دفع الراتب

لا يحصل بعض العمال الأجانب على أجورهم في التواريخ المتفق عليها. فبعض أرباب العمل يتعمدون تأخير دفع الرواتب, الأمر الذي فيه ظلم وإجحاف بحقوق العمال بغض النظر عن جنسياتهم.

لكن يفوت أرباب العمل أنهم يلحقون الضرر بأنفسهم في نهاية المطاف إذ لا يقف بعض العمال الأجانب مكتوفي الأيدي حيال هذا الواقع المر. فيقوم البعض بأعمال انتقامية من الشركات التي يعملون لديها مثل السرقة والتحايل في أداء المهمات المناطة بهم وسوء معاملة الزبائن.

ذكر لي أحد الأجانب ممن يدعون عدم حصولهم على رواتبهم أنه يضع جزءا من الأموال النقدية التي يدفعها الزبون في جيبه والجزء الآخر في خزينة المؤسسة التي يعمل بها. وحديثا اشتكت لي عاملة فلبينية تعمل في مقهى جديد نسبيّا في المنامة من عدم حصولها على راتبها لثلاثة أشهر متتالية. وعرفت القصة بعد أن سألتها عن أسباب تذمرها وعدم رغبتها في العمل بشكل طبيعي.

المشهور أن نسبة كبيرة من العمالة الوافدة تتجنب الذهاب إلى الجهات المعنية لتقديم الشكاوى بخصوص تأخير تسلم الراتب خوفا من اكتشاف أخطاء في أوضاعهم القانونية. يلزم حل المسألة إلزام الشركات بتحويل رواتب جميع العمال عبر فروع المصارف. توفر عملية دفع الرواتب عبر المصارف فرصة لوزارات العمل للوقوف على حقيقة الشكاوى العمالية بخصوص هذه القضية الحساسة ومن ثم معالجة هذه القضايا.

حافلات مكشوفة

لا شك أنه لمنظر بعيد عن مبادئ الإنسانية ونحن نعيش في القرن الواحد والعشرين أن نرى بأم أعيننا صورا حية لنقل العمال الأجانب في سيارات مكشوفة تلسعهم أشعة الشمس على مدى عدة شهور. فصور نقل العمال الأجانب في عربات غير مؤهلة تبعث الاشمئزاز وتعكس مدى انتشار الجشع لدى بعض التجار.

لكن يلاحظ أن بعض دول مجلس التعاون بدأت في تنفيذ خطوات تلزم أصحاب الأعمال بتوفير حافلات مظللة عند نقل العمال من و إلى أماكن عملهم. لا شك أن هذا المطلب واقعي ويتناسب مع طبيعة المناخ في دول مجلس التعاون إذ تشتد الحرارة أثناء فصل الصيف. كما أن هذا القرار مناسب في فصل الشتاء بسبب البرودة في بعض الأماكن وخصوصا المناطق الصحراوية.

تجاوزات متنوعة أخرى

إضافة إلى ذلك، هناك مشكلة العمل لساعات مطولة, إذ يلاحظ أن بعض المؤسسات تلزم الموظفين الأجانب بالعمل لساعات قد تمتد إلى نصف يوم كامل. في المقابل يدعي بعض أصحاب الأعمال أنهم يدفعون إلى الوقت الإضافي لكن في الغالب ليس بمقدور العمال الأجانب رفض الأوامر. كما أن بعضهم لا يعرف على وجه الدقة يوم العطلة الأسبوعية إذ إن الأمر متروك لصاحب العمل.

أيضا هناك ظاهرة الزج بعدد كبير من العمال في غرفة واحدة, إذ يميل بعض أصحاب الأعمال إلى حشر أكبر عدد ممكن من العمال في غرفة واحدة مزودة بمرفق صحي واحد من دون الأخذ في الاعتبار الآثار السلبية المحتملة على صحتهم.

ربما يتذرع بعض أرباب الأعمال بأن السكن المتوافر لبعض العمال الأجانب أفضل مما يحصلون عليه في بلدانهم. لكن هذه المقارنة غير صحيحة لعدة أسباب، منها: إنها تؤثر سلبا على صحة الناس إذ يتعامل هؤلاء مع المجتمع برمته. كما أن هناك معايير دولية فيما يخص سكن العمالة لا يمكن لدول مجلس التعاون التغاضي عنها.

اتفاق مع الهند

وقعت البحرين في أبريل/ نيسان الماضي اتفاقا بالأحرف الأولى مع الهند تضمن حقوق العمالة الهندية العاملة في البحرين.

وتم توقيع الاتفاق أثناء زيارة وزير العمل مجيد العلوي للهند. ويلزم الاتفاق الإفصاح عن مدة العقد وشروط العمل والراتب وتعويض نهاية الخدمة إضافة إلى بعض المسائل الحيوية مثل الخدمة الصحية والمواصلات فضلا عن السكن.

كما ينص الاتفاق على حقوق أرباب العمل من قبيل الحق في إلغاء عقد العمل في حال تبين تقديم العامل معلومات خاطئة عن قدراته وخبرته ومهاراته.

ختاما من الضرورة بمكان أن تقوم السلطات المسئولة في دول المجلس بتطوير الإجراءات والجزاءات حتى يتسنى تحقيق هدف حيوي ألا وهو ضمان إنهاء حالات الإساءة والاستغلال للعمالة الوافدة.

ومن شأن حصول العمالة الوافدة على حقوقهم كاملة غير منقوصة حفزهم للاهتمام بمصالح أرباب العمل وخصوصا حسن معاملة الزبائن وفي ذلك مصلحة متبادلة للطرفين العامل وصاحب العمل

إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"

العدد 2069 - الإثنين 05 مايو 2008م الموافق 28 ربيع الثاني 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً