تلقت المملكة المغربية بارتياح بالغ القرار رقم 1813 بشأن «الصحراء الغربية»، الذي صدّق عليه مجلس الأمن يوم الأربعاء 30 أبريل/ نيسان الماضي، وهذه بعض الملاحظات حول القرار تلقتها «الوسط» أمس عبر السفارة المغربية في المنامة:
-1 تبنّى مجلس الأمن التوصيات التي جاءت في تقرير الأمين العام 251/2008/s والعرض الذي قدمه مبعوثه الشخصي أمام المجلس يوم 21 أبريل، والذي حرص منذ إعداده لمبادرته بشأن التفاوض من أجل حكم ذاتي موسع في منطقة الصحراء، على التحلي بالواقعية وروح التوافق، كما تؤكد ذلك صراحة الورقة التقدمية لتلك المبادرة للأمين العام للأمم المتحدة، يوم 11 أبريل 2007.
من جانبهما، فإن الجزائر وجبهة «بوليساريو» وبدعوى أنهما يدعمان قرار مجلس الأمن، يستعملان مصطلحات تتشابه من حيث انها أصبحت متجاوزة ومتصلبة. فالجزائر تتغاضى عن «الواقعية وروح التوافق»، وتشترط، كما كانت تعمل دائما، ضرورة أن ينص أيّ حل، على إجراء استفتاء يتوافق وأدبيات وما هو معمول به في الأمم المتحدة في مجال تصفية الاستعمار. في حين يحصر «بوليساريو» (الطريق الواقعي لتقرير المصير والاستقلال)، في استفتاء يتوافق وأدبيات وما هو معمول به في الأمم المتحدة في مجال تصفية الاستعمار.
-2 أضحت قرارات مجلس الأمن رقم 1754 و1783 مدعمة، من خلال إدخال «الواقعية وروح التوافق»، والتي نص عليها مجلس الأمن كعناصر مكملة للمفاهيم المرجعية للتفاوض، كما حددها هذان القراران.
-3 يطلب مجلس الأمن من الأطراف «الدخول في مفاوضات تهم العمق». وهذا ما ظل المغرب يطالب به الأطراف الأخرى، خلال الدورات الأربع لمفاوضات مانهاست، حيث حثهم على الانكباب على تفاصيل مبادرة الحكم الذاتي.
-4 يؤكد المجلس دعمه، من دون أدنى تحفظ، للأمين العام ولمبعوثه الشخصي. وهذه رسالة واضحة موجهة للأطراف الأخرى، التي تحاول إقصاء بيتر فان فولسوم وتطالب باستقالته. وهو دعم قوي أيضا لرؤية الأمين العام ومبعوثه الشخصي، من أجل تسوية هذا الخلاف الإقليمي.
5 - تمديد مهمة المينورسو MINURSO لعام بدلا من ستة أشهر المعتادة. وهذا يشكل سابقة في تاريخ هذه البعثة. والغرض من هذه المدة هو منح مزيد من الوقت للأطراف لكي تتعمق في المفاوضات، بشكل ملموس ودائم.
6 - لأول مرة، يربط المجلس بين تحقيق تقدم في المفاوضات وتحسين مستوى عيش السكان المحتجزين في مخيمات تندوف. إن الاهتمام الذي أولاه مجلس الأمن للوضعية الإنسانية في مخيمات تندوف، يؤكد الانشغال الذي ما فتئ المغرب يعبّر عنه أمام جميع الهيئات الأممية، من أجل وضع حد لهذه المأساة الإنسانية والسماح للسكان المعنيين بممارسة حقهم الشرعي في العودة وبكل حرية، لوطنهم الأم، المملكة المغربية.
وتميز التصديق على هذا القرار، بموقفين قويين عبّر عنهما السفيران الأميركي والفرنسي: الأول، صرح رسميا بأن «دولة مستقلة في الصحراء ليس خيارا واقعيا، إن حكما ذاتيا حقيقيا تحت السيادة المغربية، هو الحل الممكن الوحيد لحل هذا الخلاف». وقد أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، هذا التصريح. والثاني، أكد من جديد أن «مشروع الحكم الذاتي، الذي تقدم به المغرب، يشكل أرضية لمفاوضات جادة وبناءة، من أجل التوصل إلى تسوية متفاوض عليها بين الأطراف».
وكان وزير الشئون الخارجية والتعاون المغربي الطيب الفاسي الفهري صرح يوم الخميس الماضي بأن القرار يمثل مرحلة جديدة ومهمة تكرس التحول الذي انطلق منذ العام الماضي فيما يتعلق بتطور المفاوضات حول مغربية الصحراء.
وأضاف الفاسي أنه «بعد أربع جولات من المفاوضات، والجولة التي قام بها في المنطقة فالسوم، وبعد التقرير الأخير للأمين العام الأممي، وكذلك بعد العرض الشفوي المهم الذي قدمه فالسوم أمام مجلس الأمن، فإن هذا المحفل الأممي «قرر دعم المكاسب المغربية وتعزيزها».
وأوضح أن مجلس الأمن كرس مرة أخرى وبكل قوة تفوق المقترح المغربي بشأن الحكم الذاتي في إطار احترام السيادة الترابية والوحدة الوطنية للمملكة، التي وصف المجلس، مرة أخرى، الجهود التي بذلتها لبلورة هذه المبادرة بـ «الجيدة وذات الصدقية». كما دعا إلى أن تأخذ المفاوضات في الاعتبار الجهود التي بذلها المغرب منذ سنة 2006، أي المبادرة المغربية.
وقال الفاسي إن مجلس الأمن لم يكتف بهذا فقط، إذ إنه أدخل وعزز المقاربة التي تقدمت بها المملكة المغربية، وبذلك دعا المجلس إلى مفاوضات مكثفة للدخول في التفاصيل وفي الجوهر وفي العمق.
وذكر الوزير أن مجلس الأمن طلب كذلك من الأطراف الدخول في مفاوضات معمقة على أساس الواقعية والرغبة في التسوية، مشيرا إلى أن هاتين الفصيلتين هما اللتان استحضرهما المغرب لدى إعداد مقترحه الخاص بالحكم الذاتي، مؤكدا أن مجلس الأمن عبّر أيضا عن دعمه للأمين العام ولممثله الشخصي فالسوم.
وانطلاقا من هذه الاعتبارات، فإن مجلس الأمن ربط بين الأهمية التي يكتسيها التحول الملموس للمفاوضات وظروف حياة المغاربة المحتجزين فوق التراب الجزائري، داعيا إلى العمل على سرعة تفعيل هذه المفاوضات وتعميقها من أجل التخفيف من معاناة الأسر المشتتة والأفراد فوق تراب بعيد عن وطنهم.
وأضاف الوزير أن هناك مكتسبات أخرى جاء بها قرار مجلس الأمن، وتتمثل في تمديده لولاية بعثة المينورسو لمدة عام كامل، وهو ما يمثل تحولا بالمقارنة مع الفترات السابقة التي كانت لا تتجاوز ستة أشهر.
واستطرد قائلا: «كل الحظوظ متوافرة وكل الإشارارت موجهة حتى نتمكن من الانخراط من دون تأخر في مفاوضات جوهرية بشأن المقترح المغربي بصفة أساسية»، معتبرا أن الأمر يتعلق بـ «دينامية جديدة وتكريس للمسعى المغربي».
كما أعرب عن الارتياح لكون عدة دول وازنة ومطلعة على حيثيات وملابسات هذا الملف، حرصت على التعبير عن تأييدها لهذا القرار الذي صدّق عليه مجلس الأمن بالإجماع. كما نوه الوزير باسم حكومة المغرب بالتصريح الواضح والموضوعي والقوي، الصادر عن الولايات المتحدة، والذي يستبعد بشكل ملائم خيار الاستقلال الذي يعتبر غير واقعي.
كما ثمن «المساهمات والتصريحات الواضحة التي عبّرت عنها فرنسا والتي حرصت على أن تسجل باهتمام عرض فالسوم أمام مجلس الأمن»، معربا عن ارتياحه أيضا لوعي ودعم مجموع أعضاء مجلس الأمن لهذا المسعى.
وأكد الفاسي أن المغرب على استعداد كامل للدخول في الجولة الخامسة من المفاوضات على أساس هذه الأرضية الصلبة والواضحة، وانطلاقا من رغبة عبّر عنها مجلس الأمن، والتي تؤكد ضرورة وضع حد لهذا النزاع الإقليمي الذي طال أمده أكثر مما ينبغي.
وقال الوزير: إن «المغرب يمد يده إلى الأطراف الأخرى حتى نستطيع إيجاد حل نهائي لهذا الخلاف الإقليمي، وحتى نتمكن مع البلدان المغاربية الأربعة الأخرى من تحقيق هذا المشروع المهم للاندماج المغاربي الذي أضحى اليوم مطلبا ملحا لمجموع الشعوب المغاربية الخمس، بل أصبح أيضا مطلب مختلف شركاء منطقة المغرب العربي».
وخلص الفاسي إلى أنه «حان الوقت لكي نتمكن من أجل تحقيق الاندماج المغاربي واستغلال كل إمكاناتنا المتكاملة وتنسيق أعمالنا، ليس فقط من أجل مواجهة التهديدات والمخاطر، ولكن أيضا من أجل استغلال طاقاتنا المغاربية».
العدد 2069 - الإثنين 05 مايو 2008م الموافق 28 ربيع الثاني 1429هـ